للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يؤخذ من الآية، ويستفاد من اللغة العربية بيان بعض الأحكام ودلالات الآيات؛ فالله -سبحانه وتعالى- يقول: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ} فأقل شيء يعطى للمملوك لا بد أن يسمى أوتي من مال الله (١).

والخلاصة: أنَّ بعض العلماء قد حدَّه بقدر معين كالربع والعشر، ومنهم من أطلقه، وقد أُثِر عن عبد الله ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه كاتب عبدًا من عبيده على خمسة وثلاثين ألفًا فوضع عنه خمسة آلاف أي: ما يعادل السبع؛ فالأصل إذًا الحضُّ على الإعانة.

تنبيه: العقد الذي يتم بين السيد والمكاتب إنما هو عقد معاوضة، ويختلف عن العتق؛ لأنه عندما يعتق عبدًا من عبيده خالصًا لوجه الله -تعالى- فليس هناك عوضٌ في الدُّنيا، ولكنَّه طلب أن يعتِق اللهُ -سبحانه وتعالى- من هذا الذي أعتقه عضوًا من أعضائه من نار جهنم، كما جاء بالحديث، حتَّى أنه ليعتق اليد باليد، والرجل بالرجل، والفرج بالفرج.

فمن قال بالوجوب من العلماء وجَّه ذلك بأن هذا العقد عن معاوضة؛ لأن المكاتب يدفع إلى سيده شيئًا منجَّمًا، ثم إذا تمت تلك الأنجم ووفَّى المكاتب ما عليه تحرر من العتق، ويكون ولاؤه لهذا السيد،


(١) يُنظر: "المعونة على مذهب عالم المدينة"، للقاضي عبد الوهاب (ص ١٤٦٦)، حيث قال: "يستحب للسيد أن يضع عن المكاتب شيئًا من آخر كتابته على قدر ما تطيب به نفسه، والأصل فيه:- قوله تعالى {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}، فجاء في أكثر التفاسير أنه وضع شيء من الكتابة".
ومذهب الأحناف: صرفوا الآية إلى معنى الصدقة.
يُنظر: "البناية شرح الهداية" لبدر الدين العيني (١٠/ ٣٦٤) حيث قال: "والتحقيق: أن دلالة الآية على ما ادعاه حقيقة جدًا؛ لأنه قال: {مِنْ مَالِ اللَّهِ} وهو يطلق على أموال القرب كالصدقات والزكاة، فكأن الله أمرنا أن نعطي المكاتبين في صدقاتنا؛ ليستعينوا به على أداء الكتابة، والمأمور به: الإيتاء وهو الإعطاء، والحط لا يسمى إعطاء، والمال الذي آتانا الله هو في أيدينا لا الوصف الثابت في ذمة المكاتبين، فحمله على حط شيء من بدل الكتابة عمل بلا دليل "، وانظر: "حاشية الشلبي على تبيين الحقائق "، للزيلعي (٥/ ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>