للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي سَبِيلِ اللَّهِ " (١)، فلا شكَّ أن الذي يقاتل في سبيل الله قد باع نفسه لله -سبحانه وتعالى- يبتغي بذلك مرضاة الله -عز وجل-، وأن المكاتَب الذي يريد الوفاء لا المماطلة من أحقِّ النَاس للمعونة؛ لأنه يريد أن يخرج من ظلمة الرِّق إلى نور وضياء الحرية؛ فإذا كان الله -سبحانه وتعالى- يعين هؤلاء ففي ذلك أكبر حضٍّ على إعانتهم.

ومن هنا اختلف العلماء في قدر الإعانة؛ فأُثر عن عليِّ بن أبي طالب الرُّبع (٢). وبه قال الإمام أحمد وجماعة من التابعين.

وقال آخرون: إن الواجب هو العشر (٣).

ومن العلماء مَن لم يحدَّ في ذلك حدًّا، كالإمام الشافعي -رحمه الله- مع قوله بالوجوب، وقد تمسك بتفسير عبد الله بن عباس بأن يُعطى شيئًا (٤)، والشيء يُطلق على القليل (٥).

وهذا أيضًا قول الحنفية والمالكية، وقالو: أقلّ ما يطلق عليه شيئًا


(١) أخرجه الترمذي (١٦٥٥) وقال: حديث حسن، وحسنه الألباني في المشكاة (٣٠٨٩).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٨/ ٣٧٦) عن الثوري، عن عبد الأعلى قال: حدثنا أبو عبد الرحمن السلمي وشهدته كاتب عبدًا له على أربعة آلاف، فحط عنه ألفًا في آخر نجومه، ثم قال: وسمعت عليَّا يقول: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} قال: "الربع مما تكاتبونهم عليه ".
(٣) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (١٠/ ٣٧٨) حيث قال: "قدر ما يوضع عن المكاتبه هو الربع، ذكره الخرقي، وأبو بكر، وغيرهما من أصحابنا، وروي ذلك عن علي - رضي الله عنه - وقال قتادة: العشر".
(٤) يُنظر: "المغني"، لابن قدامة (١٠/ ٣٧٨)، حيث قال: وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "ضعوا عنهم من مكاتبتهم شيئًا".
(٥) يُنظر: "المهذب"، للشيرازي (٢/ ٣٨٨)، حيث قال: واختلف أصحابنا في القدر الواجب؛ فمنهم من قال: ما يقع عليه الاسم من قليل أو كثير، وهو المذهب؛ لأن اسم الإيتاء يقع عليه، وقال أبو إسحاق: "يختلف باختلاف قلة المال وكثرته؛ فإن اختلفا قدره الحاكم باجتهاده كما قلنا في المتعة، فإن اختار الدفع جاز بعد العقد للآية".

<<  <  ج: ص:  >  >>