للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مما أشار إليه -سبحانه وتعالى- بقوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ} (١)، وقال: هم المكاتبون (٢).

٢ - أما حكم الإعانة والمساعدة الوارد في قوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}، فاختلف العلماء فيه؛ فذهب الإمامان الشافعي ومالك إلى وجوب ذلك، وأن الآية على ظاهرها، وعرضوا ذلك بتفسير علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فعَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ، عَنْ عَلِيٍّ: فِي قَوْل اللَّه: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} قَالَ: "رُبُع الْكِتَابَة يَحُطُّهَا عَنْهُ " (٣)، ورفع ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لكن رفع ذلك فيه نظر، وجاء عن عبد الله بن عباس - حبر الأمة- أنه قال بعد تلاوة الآية: "ضعوا عنهم من مكاتبتهم " (٤)، فتوافق تفسير عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وعبد الله بن عباس بأن المراد هو إعطاء المكاتبين؛ ومن هنا حصل الخلاف بين القائلين بالوجوب وهم الشافعية والحنابلة.

أما الحنفية والمالكية: فصرفوا الأمر في الآية للندب، وأنه لا يجب على السيد أن يعطي مكاتبه، وإن أعطاه فمن باب الإحسان والبِرِّ وعدم نسي الفضل بينهما (٥).


(١) أخرجه ابن وهب في "تفسيره" (١/ ٥٣) عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه في قول الله: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}، قال: الخير: القوة على ذلك قال: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}، قال: "ذلك في الزكاة على الولاة يعطونهم من الزكاة لقول الله: {وَفِي الرِّقَابِ} ".
(٢) يُنظر: "المبسوط" للسرخسي (٧/ ٢٠٧) حيث قال: "ذكر الكلبي أن المراد به دفع الصدقة إلى المكاتبين، فيكون هذا خطابًا للناس بصرف الصدقة إلى المكاتبين ليستعينوا بذلك على أداء المكاتبة، كما قال في بيان مصارف الصدقات وفي الرقاب، والمراد: المكاتبون، والدليل عليه: أنه قال {مِنْ مَالِ اللَّهِ}، والمال المضاف إلى الله تعالى مطلقًا هو الصدقة".
(٣) أخرجه الطبري في "تفسيره" (١٧/ ٢٨٣).
(٤) أخرجه الطبري في "تفسيره" (١٧/ ٢٨٥).
(٥) مذهب الأحناف ينظر: "تبيين الحقائق"، للزيلعي (٥/ ١٥٠)، حيث قال: "والأمر في=

<<  <  ج: ص:  >  >>