التعليلات التي ذكرها الآخرون أوضح، فألحقت الكتابة بالإجارة لجامع بينهما كما مر.
ومن المعلوم فيما أطلق من عقود المكاتبة أن بدايته كحال الإجارة، فمن قال- مثلًا -: كاتبتك مدة سنة، كانت بداية العقد ساعة الانتهاء من كتابته، كمن قال: أجَّرتك هذه الدار سنة، فيكون بداية العقد بعد الانتهاء من الكتابة.
أما الشافعية فيشترطون تحديد البداية؛ كأن يقول: أجَّرتك هذه الدار مدة شهر يبدأ مثلًا من أول شهر ذي القعدة، والجمهور لا يشترطون تحديدًا لبداية العقد؛ لأن العقد هو الذي يرفع الخلاف ويعتبر بداية (١).
وقد ذكرنا فيما سبق عدم الجواز؛ لأنه غالبًا ما يؤدي إلى فساد العقد، وهو خلاف المقصد الذي أرشدت إليه الشريعة الإسلامية من الرفق والمساعدة والحض على الكتابة التي تفضي إلى عتق هذا الإنسان.
وهذه مسألة جديدة، والخلاف فيها يدور حول قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ … } الآية، فبعضهم صرف الأمر إلى الوجوب وبعضهم إلى الندب، وذكرنا أن الجمهور لا يوجبون الأمر في هذه الآية، بل يصرفونه إلى الندب، وأن أهل الظاهر يوجبونه.