للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولذلك صحَّت عند المالكية والحنابلة؛ لأنهم قاسوها على الإجارة (١).

قوله: (وَتَجُوزُ عِنْدَهُ الْكِتَابَةُ الْمُطْلَقَةُ).

والكتابة المطلقة كالإجارة المطلقة؛ كأن تقول: أجَّرتك هذه الدار سنة أو شهرًا دون تحديد لبداية التأجير؛ فجمهور العلماء أجازوا ذلك، ومنهم الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة ومالك وأحمد، فقالوا: يجوز؛ لأنها مقابل عوض، ويستدلون بقول الله تعالى: {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ} فلم يذكر ابتداء المدة وعليه يجوز أن تكون بدايتها مطلقة.

واستدلَّ المالكية عن طريق القياس على النكاح، لكن دليل الجمهور على جواز الكتابة المطلقة هو قياسها على الإجارة المطلقة، ولمَّا كانت الكتابة مقابل عمل هنا، وأحد شطري الإجارة العمل؛ صحَّ قياس الكتابة على الإجارة.

ولما كانت الإجارة عند جمهور العلماء جائزة على عمل مطلق


(١) مذهب المالكية، يُنظر: "الجامع لمسائل المدونة "، لابن يونس (٨/ ٩٠٣)، حيث قال: "ومن "المدونة" قال مالك: "ولا بأس أن يستأجر السيد مكاتبه بما عليه من الكتابة في عمل يعمله، أو يقاطعه على أن يحفر له بئرًا طولها كذا ويبني له بيتًا طوله كذا".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "المغني"، لابن قدامة (١٠/ ٣٧٥، ٣٧٦)، وفيه قال: "وتصح الكتابة على خدمة ومنفعة مباحة؛ لأنها أحد العوضين في الإجارة، فجاز أن تكون عوضا في الكتابة، كالأثمان، ويشترط العلم بها، كما يشترط في الإجارة ".
وتجوز عند الأحناف استحسانًا لا قياسًا.
يُنظر: "الأصل المعروف بالمبسوط "، للشيباني (٦/ ٢٠٠ - ٢٠١)، حيث قال: قلت أرأيت رجلًا كاتب عبدًا له على أن يخدمه شهرًا؛ هل تجوز هذه المكاتبة قال: "نعم "، قلت: " لم والخدمة غير معلومة؟ " قال: " أستحسن ذلك، ألا ترى أنا نجيز المكاتبة على مال ليس بمعلوم؟ " قلت: "وكذلك لو كاتبه على أن يبني له دارًا قد أراه أجرها وجصها وما يبني بها، وكذلك على أن يحفر له بئرًا قد وقها وسمى طولها وقدرها، وأراه المكان؟ " قال: " نعم، هذا أيضًا في الاستحسان جائز".

<<  <  ج: ص:  >  >>