للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا مثال للشرط الفاسد كأن يبيع جاريته، ويشترط على سيدها الجديد ألا يطأها، فيريد أن يمنعه سببًا اشتراها من أجله، بل ربما يكون أول الأسباب، وقد أحله الله -سبحانه وتعالى- قال تعالى: {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} فهذا الشرط باطل؛ لأنه تعارض مع كتاب الله - عز وجل - وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك كان باطلًا.

قوله: (وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ أَدَّى إِلَى عَجْزِهِ، وَذَلِكَ ضِدُّ مَقْصُودِ الْكِتَابَةِ، وَحَاصِلُ قَوْلِ الْمَالِكِيَّةِ يَرْجِعُ إِلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ مِنْ أَرْكَانِهَا أَنْ تَكُونَ مُنَجَّمَةً، وَأَنَّهُ إِذَا اشْتَرَطَ فِيهَا ضِدَّ هَذَا الرُّكْنِ بَطَلَ الشَّرْطُ وَصَحَّ الْعَقْدُ) (١).

فالمالكية إذًا يسلمون بأن من شروط الكتابة أن تكون منجمَّة، ولو شُرط أن تكون حالة صح العقد وبطل الشرط.

قوله: (وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ: لَقَدْ كَاتَبْتُكَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَإِذَا أَدَّيْتَهَا فَأَنْتَ حُرٌّ؛ أَنَّهُ إِذَا أَدَّاهَا فَهُوَ حُرٌّ).

فإذا قال السيد لعبده: كاتبتك على ألف دينار أو ألف درهم إذا أديتها فأنت حرٌّ، ولا خلاف بين الجمهور في حُرِّية العبد إذا أداها (٢).


(١) القول بأن الكتابة عند المالكية يشترط فيها أن تكون منجمة أو أن التنجيم من أركانها ليس صوابًا، بل المذهب على جواز الكتابة الحالة، كما سبق نقله، بل إن من ذهب إلى أن القول باشتراط التنجيم قول مالك في " المدونة " قد أوِّل ذلك.
يُنظر: "شرح مختصر خليل " للخرشي (٨/ ١٤٠) حيث قال: "وظاهر " المدونة " عند القاضي عياض وغيره: اشتراط لزوم التنجيم، لا اشتراط صحته؛ لأن المذهب أنها إذا وقعت بغير تنجيم كانت صحيحة وتنجم، وصحح ابن رشد في المقدمات جوازها حالة، فعليه فهذا الافتراض الذي ذكره المؤلف غير متصور".
(٢) مذهب الأحناف، يُنظر: "شرح مختصر الطحاوي "، للجصاص (٨/ ٢٦٩)، حيث قال: "قال أبو جعفر: "ومن قال لعبده: إذا أديت إلي ألف درهم فأنت حر: كان العبد بهذا القول مأذونًا له في التجارة، وإن أدى إلى مولاه ألف درهم كما قال: =

<<  <  ج: ص:  >  >>