للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (وَقَالَ مُتَأَخِّرُو أَصْحَابِ مَالِكٍ).

نص الإمام القرطبي على أن رأي الإمام مالك كرأي الشافعي وأحمد، وإنما الذي قال بذلك هو الإمام أبو حنيفة صراحة (١).

قوله: (قَدْ لَزِمَتِ الْكِتَابَةُ لِلسَّيِّدِ، وَيَرْفَعُهُ الْعَبْدُ إِلَى الْحَاكمِ فَيُنَجِّمُ عَلَيْهِ الْمَالَ بِحَسَبِ حَالِ الْعَبْدِ) (٢).

اعتراض أغلب الأئمة - ومنهم الشافعية والحنابلة - ناتج عن دليل من كتاب الله - - عز وجل - - أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا الدليل قد يكون صريحَ الدلالة، وقد يكون غير ذلك، وربما يكون الدليل بغير نصٍّ، وربما يختلف في وجه الدلالة من النص.

وقد استدل الشافعية والحنابلة بأثر عثمان - رضي الله عنه -؛ فعن مسلم بن أبي مريم عن رجل قال: " كنت مملوكًا لعثمان - رضي الله عنه -، قال: بعثني عثمان - رضي الله عنه -


= إلا بعوض مؤجل؛ لأنه إذا كاتبه على عوض حال لم يقدر على أدائه، فينفسخ العقد ويبطل المقصود".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: " المغني " لابن قدامة (١٠/ ٣٧١) حيث قال: "ولأن الكتابة عقد معاوضة، يعجز عن أداء عوضها في الحال، فكان من شرطه التأجيل، ولأنها عقد معاوضة يلحقه الفسخ من شرطه ذكر العوض، فإذا وقع على وجه يتحقق فيه العجز عن العوض، لم يصح، كما أن في التنجيم حكمتين؛ إحداهما: يرجع إلى المكاتب، وهي التخفيف عليه؛ لأن الأداء مفرقًا أسهل، والأخرى: للسيد، وهي أن مدة الكتابة تطول غالبًا".
(١) لم أقف على قول القرطبي.
(٢) يُنظر: "القبس في شرح الموطأ" لابن العربي (ص ٩٧٥، ٩٧٦) حيث قال: "إذا قال له: ألزمتك مائة دينار تعطينيها وأنت حر، والعبد ليس عنده شيء. فقال الشافعي: "هذا الكلام لغو"، وقال علماؤنا: يرتفعان إلى الحاكم ينظر في ذلك، فإن أراد العبد الالتزام ألزمه الحاكم ونجمَ المال عليه على قدر حال العبد وحال المال، ونظرنا أقوى من نظر الشافعي؛ لأن السيد لما تكلم به أوجبَ للعبد حقًّا في الالتزام وسعيًا في الحرية، فلم يجز له الرجوع فيه؛ لأن هذا الحق لا يقبلُ الرجوع ولا الإسقاط كسائر الحقوق المتعلقة بالعتق ". وانظر: "المدونة"، لابن القاسم (٢/ ٤٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>