للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن أبي ليلى الكندي: أن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - أراد منه مملوك له أن يكاتبه، فقال: "أعندك شيء؟ " قال: "لا"، قال: "من أين لك؟ " قال: "أسأل الناس "، فأبى أن يكاتبه، وقال: " تُطعمني من غسالة الناس؟ " (١).

وليس معنى ذلك تحريم هذا المال، ولكن يمتنع بعضهم عن ذلك تعفُّفًا (٢).

وقد ورد الخلاف في تحديد المخاطب بهذه الآية: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} فهل الأمر موجه للسادة؟ - أي: أولياء العبيد -، أو هو موجه للمسلمين عمومًا؟ وسيأتي التفصيل في هذه المسألة واختلاف العلماء فيها.

قوله: (فَقَالَ الشَّافِعِيُّ).

وكذلك الإمام أحمد أيضًا.

قوله: (هَذَا الْكَلَامُ لَغْوٌ، وَلَيْسَ يَلْزَمُ السَّيِّدَ شَيْءٌ مِنْهُ).

وإعتبره الإمامُ الشافعي لغوًا؛ لأن النتيجة معروفة؛ فالسيد الذي يكاتب عبده على مبلغ من المال حالًّا، ولا يملك العبد شيئًا يدفعه له، فيفسد العقد بعجز العبد عن السداد ويبقى عبدًا كما هو، وهذا خلاف ما يتعلق بالحضِّ على الكتابة والترغيب فيها (٣).


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٨/ ٣٧٤)، وفيه: أتى سلمانَ غلامٌ له، فقال: كاتبني، فقال: "هل عندك شيء؟ " قال: لا، إلا أسأل الناس، قال: " أتريد أن تطعمني غسالة أيدي الناس "، فكره أن يكاتبه.
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٣٨١) حيث قال: "هذا تنزه واختيار- والله أعلم - وقد كوتبت بريرة ولا حرفة لها، وبدأت بسؤال الناس من حين كوتبت ".
وينظر أيضًا في: "الاستذكار" (٧/ ٣٥١) حيث قال: "والدليل على صحة ما قلنا: أن ما طاب لبريرة أخذه طاب لسيدها أخذه منها اعتبارًا باللحم الذي كان عليها صدقة، وللنبي - صلى الله عليه وسلم - هدية، واعتبارًا - أيضًا - بجواز معاملة الناس للسائل ".
(٣) مذهب الشافعية ينظر: "المهذب"، للشيرازي (٢/ ٣٨٢)، وفيه قال: " ولا يجوز =

<<  <  ج: ص:  >  >>