للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك الأمر بين الابن ووالده في رأي من أجاز المعاملات الربوية بين السيد وعبده؛ لأن الابن وماله لأبيه (١).

قوله: (وَإِنَّمَا الْكِتَابَةُ سُنَّةٌ عَلَى حِدَتِهَا، وَأَمَّا الْأَجَلُ؛ فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تكُونَ مُؤَجَّلَةً).

يعبِّر صاحب "البداية" في بعض الأحيان بتعبيرات ربما يُظَنُّ منها خلاف المقصود؛ فقوله: " اتفقوا على أنه يجوز أن تكون مؤجلة" يُفْهَم منه أن الأصل هو منع التأجيل وإيجاب الحال، والأمر خلاف ذلك؛ فالأصل أن تكون مؤجلة، ويجوز أن تكون حالة عند بعضهم.

قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِي هَلْ تَجُوزُ حَالَّةً؟ وَذَلِكَ أَيْضًا بَعْدَ اتّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهَا تَجُوزُ حَالَّةً عَلَى مَالٍ مَوْجُودٍ عِنْدَ الْعَبْدِ، وَهِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا قِطَاعَةً لَا كِتَابَةً) (٢).

واتفق الفقهاء على أن المكاتبة تجوز حالة على مال يكون عند العبد، وخرج بذلك اعتراض الشافعية والحنابلة (٣)، وسيأتي تفصيل منع الشافعية


(١) قاس الشارح هنا المعاملة التي تحدث بين الوالد وولده على ما يحدث بين العبد وسيده بجامع العلة بينهما من أن الابن وماله لأبيه، لكني لم أقف على من مثَّل ذلك من الفقهاء.
(٢) يُنظر: "أحكام القرآن "، لابن العربي (٣/ ٣٩٨، ٣٩٩)، حيث قال: " إذا كاتب عبده على مال قاطعه عليه نجومًا، فإن جعله حالًّا فقد اختلف فيه السلف والعلماء على قولين، واختلف فول علمائنا باختلافهم، والصحيح في النظر: أن الكتابة مؤجلة … ثم إن المال إن جُعل حالًّا، فلا يخلو أن يكون عند العبد، أو لا يكون عنده شيء؛ فإن كان عنده ما قطعه عليه فهو مال مقاطعة وعقد مقاطعة، لا عقد كتابة، وإن لم يكن عند العبد مال لم يجز أن يجعل ما يكاتبه عليه حالًّا؛ لأنه أجل مجهول فيدخله الغرر، وتقع المنازعة عند المطالبة؛ وذلك منهي عنه شرعًا من جهة الغرر، ومن جهة الدين، مع ما فيه من مخالفة السنة".
(٣) الشافعية والحنابلة لم يدخلوا في هذا الاتفاق، فلا يقولون بالكتابة الحالة، سواء أكان للعبد مال أم لا.
يُنظر: "المهذب في فقه الإمام الشافعي" للشيرازي (٢/ ٣٨٢): "ولا يجوز إلا بعوض =

<<  <  ج: ص:  >  >>