للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجاء النهي - أيضًا - عن بيع الدَّيْن بالدَّيْن (١)، وضَع وتَعَجَّل، وكما مَرَّ؛ فمسألة: ضعْ وتعجَّل؛ كأن يكون لإنسان على آخر دين، فيأتي المدين ويقول لصاحب الدين: ضعْ عني بعضَ حقِّكَ، وأُعجِّل لك سداد الدَّين بأن أدفع فع لك نقدًا.

وقد اختلف العلماء في هذه المسألة، فمنهم مَن يجيزها ويستثنيها من الربا؛ لأن هذه الصورة ليس فيها ضَرر على أحد الطرفين، وقد حُرِّم الربا ونُهي عنه؛ لأن الضرر فيه ينصب على المدين، أمَّا الدائن فيأخذ حقَّه وزيادة باستغلاله حاجة المسكين وظروفه (٢).


= فيمن قاطع عبده: إنه إن جاء به إلى الأجل أو ما أشبهه فذلك له، وإلا أخر العبد شهرًا ونحوه كما يؤخر الغريم، فإن جاء به وإلا فلا قطاعة له، قال أبو الوليد: وهذا كما قال، وهو مثل ما في "المدونة" وغيرها أنه يتلوم له في، القطاعة كما يتلوم له في الكتابة إذا عجز عن أدائها، وسواء كان المقاطع عبدًا على ظاهر هذه الرواية أو مكاتبا؛ لأن قطاعة المكاتب على أن يضع عنه ويعجل له جائزة؛ لأنه يتعجل العتق بذلك، وليست الكتابة بدين ثابت فيدخله ضع وتعجل ".
(١) أخرجه الدارقطني (٤/ ٤٠) عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - " نهى عن بيع الكالئ بالكالئ "، وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (٦٠٦١).
(٢) ظاهر كلام الشارح أنه يقصد اختلافهم في المسألة عمومًا.
فمذهب الأحناف أنه لا يجوز.
يُنظر: "المبسوط" للسرخسي (٢١/ ٣١) حيث قال: "لو كان له عليه ألف إلى أجل؛ فصالحه منها على خمسمائة درهم ودفعها إليه لم يجز؛ لأن المطلوب أسقط حقه في الأجل في الخمسمائة، والطالب بمقابلته أسقط عنه خمسمائة، فهو مبادلة الأجل بالدراهم، وذلك لا يجوز عندنا".
وذهب المالكية كذلك إلى عدم الجواز.
يُنظر: "المعونة على مذهب عالم المدينة"، للقاضي عبد الوهاب (ص ١٠٣٨)، حيث قال: "الوضع على التعجيل ممنوع منه، وصفته أن يكون على رجل دين لم يحل، فيقول لصاحبه: تأخذ بعضه معجلًا وتبرئني من الباقي، فهذا غير جائز لأمرين؛ أحدهما: أنه يدخله الربا إن كان في ذهب أو فضة أو طعام أو ما يحرم التفاضل فيه، والآخر: أنه قرض يجر نفعًا، وروي ذلك عن ابن عمر وزيد بن ثابت، وهو إجماع الصحابة وكذلك إذا عجل له بعضه قبل الأجل على إن أخره بالباقي زيادة على الأجل الأول؛ لأنه ترك ذلك الأجل للتعجيل ". =

<<  <  ج: ص:  >  >>