للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أماناتٌ للآخرين، فيجب أن تؤدَّى، فهَذا هو حقيقة مذهب جمهور العلماء، وهُوَ الراجح في هذه المسألة.

* قَوْله (وَإِلَى هَذَا القَوْلِ ذَهَبَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ البَرِّ (١)).

وَأَمَّا القَدْرُ: فَإِنَّ العُلَمَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الوَصِيَّةُ فِي أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ لِمَنْ تَرَكَ وَرَثَةً (٢). وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ لَمْ يَتْرُكْ وَرَثَةً، وَيي القَدْرِ المُسْتَحَبِّ مِنْهَا، هَلْ هُوَ الثّلثُ أَوْ دُونَهُ؟) (٣).

وقد تعرَّض المؤلف لشيءٍ، وَتَرك شيئًا آخر، وربما يكون للمؤلف وجهة نظر؛ لأن هذا لم ينته العلماء فيه إلى شيءٍ، ولكننا انتهينا إلى أن الوصية مشروعةٌ، وأنَّ الله تعالى حضَّ عليها، وأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- رغب فيها، وإنْ كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يوصِّ، فإن الرسول لم يترك شيئًا؛ لأن عائشة -رضي الله عنها- ذكرت في الحديث الصحيح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مات ولم يترك دينارًا ولا درهمًا ولا بعيرًا ولا شاةً (٤)، وجاء في حديث آخر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أوصى بكتاب الله" (٥)، وما أعظمَها من وَصيَّةٍ! ومن أعظم ما وصى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: تقوى الله (٦)، ولا شك بأن خير وصية وأن


(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٢٧٩) قال قال أبو عمر: قول ابن أبي ليلى وابن شبرمة ومَنْ تابعهما قول صحيح في النظر والقياس وإنْ كان على خلافه أكثر الناس.
(٢) يُنظر: "مراتب الإجماع" لابن حزم (ص ١١١) قال: "واتفقوا أنه لا يجوز لمن ترك ورثة أو وارئْا أن يوصي بأكثر من ثلث ماله لا في صحته، ولا في مرضه ".
(٣) سيأتي قريبًا.
(٤) أخرجه مسلم (١٦٣٥) عن عائشة قالت: "ما ترك رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- دينارًا، ولا درهمًا، ولا شاة، ولا بعيرًا، ولا أوصى بشيء".
(٥) أخرجه البخاري (٢٧٤٠) ومسلم (١٦٣٤) من طريق طلحة بن مصرف، قال: سألتُ عبدَ الله بن أبي أوفَى -رضي الله عنهما-: هل كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أوصى؛ فقال: "لا"، فقلت: كيف كتب على الناس الوصية أو أمروا بالوصية؟ قال: "أوصى بكتاب الله ".
(٦) أخرجه أبو داود (٤٦٥٧) والترمذي (٢٦٧٦) وقال: حسن صحيح عن العرباض بن=

<<  <  ج: ص:  >  >>