للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنه ليس هناك ما يمنعه، فلو أوصى له بسكنى هذه الدار، وأن يستفيد من هذا البستان، فهذه وصية يُسْتفاد بها، وجمهور العلماء لا يرون مانعًا من ذلك، وعلتهم في ذلك كأنهم يقولون: هذه المنافع إنما هي تملك في عقود المُعَاوضات، فَكَذلك أيضًا هنا تجوز، فأنت تستأجر الدار، وتدفع أجرتها، ولا تستفيد من الحين، فقد لا تسكنها ولو ليومٍ واحدٍ، وذكرت ذلك التعليل؛ لأن المؤلف لم يُشِرْ إليه.

* قَوْله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَابْنُ شُبْرُمَةَ (١)، وَأَهْلُ الظَّاهِرِ (٢): الوَصِيَّةُ بِالمَنَافِعِ بَاطِلَةٌ).

وهذا خلاف قول الجمهور، ومنهم الأئمة؛ لأنه إذا لم يصرح بذكر أحد الأئمة، فمعنى ذلك أنه داخل في قول الجمهور.

* قولُهُ: (وَعُمْدَةُ الجُمْهُورِ أَنَّ المَنَافِعَ فِي مَعْنَى الأمْوَالِ. وَعُمْدَةُ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ المَنَافِعَ مُنْتَقِلَةٌ إِلَى مِلْكِ الوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ المَيِّتَ لَا مِلْكَ لَهُ، فَلَا تَصِحُّ لَهُ وَصِيَّةٌ بِمَا يُوجَدُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ).

لكنه عندما أوصى كان ذلك في حياته، وعندما أوصى كان ذلك داخلًا في ملكه، فهو لم يوص بما لم يملكه، بل هُوَ ملكٌ انتقل إلى غيره، فلَوْ كان عليه دَين مع أنَّ هذا المَال قد انتقل من ملكه، فمن غير شك أنه يؤدَّى الدَّين من ذلك المال، وكذلك أيضًا الوصية، لو كانت عنده


(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البَر (٧/ ٢٧٩) قال: وقال ابن أبي ليلى وابن شبرمة الوصية بكل ذلك (أي: بخدمة العبد وغلة البساتين وسكنى المساكين) باطلة غير جائزة. وانظر "المغني" لابن قدامة (٦/ ١٨٢).
(٢) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٨/ ٣٧٠)، قال: قال أبو محمد: فاتفق من ذكرنا على جواز الوصية بخدمة العبد، وغلة البستان، وسكنى الدار -ووافقهم على ذلك سوار بن عبد الله، وعبيد الله بن الحسن العنبريان، وإسحاق بن راهويه. وقال ابن أبي ليلى، وأبو سليمان، وجميع أصحابنا: لا يجوز شيء من ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>