للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهنَاك مَنْ يُفَرِّق بين المدبوغ وبين غيره، فيقولون: جلد الحيوان قبل الدَّبغ نجس، وبعد الدبغ يكون طاهرًا، ثمَّ يختلفون في تَحْديد ذَلكَ، فمنه مَنْ يقول: هو خَاصٌّ بالحيوان مع كون اللحم، ومنهم مَنْ يقول: إنَّ الجُلُودَ إذا دُبِغَتْ، فكلُّها طاهرةٌ ما عدا جلد الكلب والخنزير.

ومنهم مَنْ يقول: كلها طاهرة إلَّا جلد الخنزير، والكلب طاهر، ومنهم مَنْ يقول: كلها طاهر، ومنهم مَنْ يقول: طاهرة، ولكنها تُستَخْدَم في اليابس، وبذلك يتبيَّن أنَّ الأقوال في ذلك سبعة.

ومسألَةُ الجلود من المسائل التي يكون فيها مجالٌ لطالب الفقه أن يدرس فيها، ويُحقِّق ما ورد من أدلة، وأن يُناقِشَ، فهي من المَسَائل الكبرى ذَات الذُّيُول، وَالتَّفريعات الكثيرة، والمؤلف أَوْجَزَها كلَّها، وَلَكننا نحتاج إلى أن نبسطها بعضَ البسط.

" قوله: (فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى الانْتِفَاعِ بِجُلُودِهَا مُطْلَقًا دُبِغَتْ أَوْ لَمْ تُدْبَغْ) (١).

مُلَاحظة: أحيانًا يقول المؤلف: "قال قوم" أو "ذهب قوم "، ومع ذلك قد يكون المقصود بالقوم أو صاحب القول واحد، وقد تكون رواية لأحد العلماء؛ فلا يلزم أن يكون قوله: "قوم" هو عدد كثير.

قوله: (مطلقًا): هذا نُسِبَ إلى الإمام الزهري، والزهريُّ هو الإمام المعروف بابن شهاب الزهري، التابعي الجليل (٢)، وأحد أئمة العلماء الذين جمعوا أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل أولهم، فلمَّا أراد عمر بن عبد العزيز -رحمه الله، ورضي عنه- أن يكتب حديث


(١) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (١/ ٦٢)، عبد الرزاق عن معمر، وكان الزهري، ينكر الدباغ ويقول: "يستمتع به على كل حال".
(٢) ينظر ترجمته في: "السير" للذهبي (٥/ ٣٢٦) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>