للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقول الله سبحانه وتعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: ٨٠]، والآخرون لا يوافقون، بل يقولون بأنَّ كُلًّا مِن الآيتين فيهما خصوص وعموم، فالآية الأولى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل:٨٠]، تَشْمل الحيَّ وَالميِّت، وَهُنا {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة:٣]، وقالوا أيضًا: تَصْلح أَنْ تكونَ مخصصةً للأولى؛ لأنَّ الأولى مُطْلقَةٌ تشمل الحيَّ والميت؛ فيخص ذلك بالميتة، وهكذا، ثمَّ يختلفون بعد ذلك في العَظْم الَّذِي ذكر المؤلف -التَّعليل النَّقلي- هل هي ميتة أو لَا.

قوله: (فَمَنْ رَأَى أَنَّ النُّمُوَّ وَالتَّغَذِّيَ هُوَ مِنْ أَفْعَالِ الحَيَاةِ قَالَ: إِنَّ الشَّعَرَ وَالعِظَامَ إِذَا فَقَدَتِ النُّمُوَّ وَالتَّغَذّيَ فَهِيَ مَيْتَةٌ).

يَعْني: نُمُو الحَيوان، وكذلك التغذِّي له أثرٌ من ناحيةٍ أُخرى أيضًا، والإحساس والنمو، هل لذلك أثر في الحياة؟ لا شك أن العظم يحس، إذًا، هل معنى كونه يحس أنه جزءٌ من الميتة أو لا؟ هذا هو الذي يريد أن يتكلَّم عنه المؤلف.

قوله: (وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ لَا يَنْطَلِقُ اسْمُ الحَيَاةِ إِلَّا عَلَى الحِسِّ قَالَ: إِنَّ الشَّعَرَ وَالعِظَامَ لَيْسَتْ بِمَيْتَةٍ).

الَّذين يَقُولون: العَظم يحس، يُعَلِّلُون بأن العظم يتألم أكثر من اللحم، وكذلك أيضًا الشَّعر قالوا: يَتَغذَّى؛ بدليل أنه ينمو بالغذاء، وَيتوقَّف بعدمه.

قوله: (لِأَنَّهَا لَا حِسَّ لَهَا، وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، أَوْجَبَ لِلْعِظَامِ الحِسَّ، وَلَمْ يُوجِبْ لِلشَّعَرِ).

هل الحياة تُطلق فقط على ما له روحٌ أو لا؟ فإنْ قلنا: تُطْلق على ما له روحٌ؛ فنقول بأن هذِهِ لا روح لها، إذًا هي ميتة، وإنْ قلنا: إنَّ الإحساسَ وكذلك النمو جزءٌ من الحياة؛ لأنَّ العَظمَ يحس، وَكَذلكَ الشَّعر

<<  <  ج: ص:  >  >>