اَلْمَيتَةُ} [المائدة: ٣]، حيث يَدُورُ بين المالكية والحنابلة من جانب، والشافعية من جانبٍ آخَرَ، ولم يتعرَّض المؤلف لتفاصيل ذلك، وإنما أشًار فيما يبدو لإحْدَى الآيتين، وسيأتي معنا عَرْض ذلك.
هو فقط أخذ الدليل العقلي، وترك الدليل النقلي، والحقيقة أن الذين يقولون بالتفريق بين العظم وبين الشعر يقولون بأن الشَّعرَ وكذلك الصوف والوبر ليست بنَجِسَةٍ؛ وعَلَّلوا ذلك بقول الله سبحانه وتعالى في سورة [النحل: ٨٠]: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ}، فقالوا: إنها عامة تشمل الحيَّ وغير الحيِّ، فَاعْتُمِدَ دليلٌ عندهم على حياتها.
وكذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما مَرَّ بشاةِ ميمونة، قال:"هلَّا انتفعتم بجِلْدِهَا؟ "، فقالوا: إنها ميتةٌ. قال:"إنَّما حَرُم أَكْلها"(١).
وفي الحديث لم يعرض للشعر ولا للصوف، وسيأتي الكلام أيضًا في الجلد والخلاف فيه، سواء قبل الدبغ أو بعده، وهي من المسائل المهمة الكبرى التي سيعرض لها المؤلف، ولذلك فكلام العلماء فيها طويلٌ ومفصَّلٌ، لكن المؤلف كعادته أجمَل ذلك.
والخلاصة: أن الذين يقولون بأن الشَّعر والصوف والوبر وما يشبه ذلك ليس بنجسٍ يستدلون بالآية التي ذكرناها: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ}[النحل: ٨٠]، والَّذين يقولون بنَجَاستها يستدلون بقول الله سبحانه وتعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}[المائدة: ٣]، والذين يقولون بالطهارة يستدلون بقوله:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}[المائدة: ٣]، وإنَّما هي مُخَصصةٌ
(١) أخرجه البخاري (١٤٩٢)، ومسلم (٣٦٣)، عن ابن عباس - رضي الله عنه -، قال: "وجد النبي - صلى الله عليه وسلم - شاةً ميتةً، أعطيتها مولاة لميمونة من الصدقة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هلَّا انتفعتم بجلدها؟ "، قالوا: إنها ميتة! قال: "إنما حرم أكلها".