للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"قَوَدٌ" بمعنى: أنه لا يُقْتلُ به (١).

قوله: (وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي النَّفْسِ كَانَ فِي الْمَالِ أَحْرَى).

أي: لو اعتُدي على إنسان وحُرمتُه عظيمة فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بيَّن بأن حُرمتَه من حُرمة البيت، ولو قتله إنسان في مثل هذه الحالة فإنَّه لا قَوَد عليه، إذن من باب أولى أن لا يكون هناك قَوَدٌ بالنسبة للحيوان فمهما كانت للحيوان من حرمة لكن لا تصل إلى حُرمة الإنسان.

فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "في كُلِّ كبد رطب أَجْر" (٢) فالحيوان فيه أجر؛ ولذلك كما جاء في "صحيح مسلم" أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتل وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحِدَّ أحدُكم شفرته وليُرِح ذبيحته" (٣).

هذا حديثٌ عند مُسلم وغيره (٤)، وهذا من الوسائل التي يُراح فيها الحيوان، كذلك لو أن إنسانًا عنده دواب فلم ينفق عليها فإنَّه يُؤمر بالإنفاق عليها وإلا تباع عليه، إذن الحيوان له حرمة ولا يجوز أن يتعدَّى عليه بغير سبب لكن لا تُساوي حرمة الإنسان، ومع ذلك فإنَّ الإنسانَ إذا قتله آخرُ وقد تعدَّى، فإنَّ عليه الضمانَ بلا شكٍّ، ومذهب الجمهور هو الأقرب لروح الشريعة.


=الدافع، فهو شهيد، وعلى الصائل ضمانه، للخبر ولأنه قُتِل مظلومًا، فأشبه ما لو قتله في غير الدفع ".
(١) القود: القصاص، وقتل القاتل بدل القتيل. انظر: "النهاية" لابن الأثير (٤/ ١١٩).
(٢) أخرجه البخاري (٢٣٦٣)، ومسلم (٢٢٤٤/ ١٥٣) عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بينا رجل يمشي، فاشتد عليه العطش، فنزل بئرًا، فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خفَّه، ثم أمسكه بفيه، ثم رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له "، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجرًا؟ قال: "في كل كبد رطبة أجر".
(٣) أخرجه مسلم (١٩٥٥/ ٥٧).
(٤) أخرجه أبو داود (٢٨١٥)، والنسائي (٤٤٠٥)، والترمذي (١٤٠٩)، وابن ماجه (٣١٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>