للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَجِسَة، ويأتي مذهب المالكية والحنابلة ويفصلون القول في ذلك، ويفرقون بين العظم وما يشبهه أو يُلحَق به، وبين الشعر وما يلحق به.

قوله: (وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُمَا لَيْسَا بِمَيْتَةٍ، (١)، وَذَهَبَ مَالِكٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الشَّعَرِ وَالعَظْمِ) (٢).

ومَعَ مالكٍ الإمامُ أحمدُ في هذه المسألة (٣).

قوله: (فَقَالَ: إِنَّ العَظْمَ مَيْتَةٌ، وَلَيْسَ الشَّعَرُ مَيْتَةً).

الظَّاهر هنا أن المؤلف -كما قلنا مرارًا- يأخذ أُمَّهات المسائل ولا يدخل في التفصيل؛ لذلك فهو هنا تكلَّم عن العظم ولم يذكر السِّنَّ؛ لأنه يُدخِلُه في العظم والقَرْن، والظلف، وحافر الدابة؛ لأنه يلحق به.

ويكون الشعر والصوف في الماعز والأغنام، والوبر في الإبل، والريش في الطيور وما يشبهها، وهكذا، كل هذه أعطاها العلماءُ حكمًا وَاحدًا؛ ولذَلكَ نَجد أنَّهمْ يذكرون الشعر والعظم، ثم يأتون بعد ذلك بالتَّفصيلَات الواردة في ذلك؛ لذلك قال الله سبحانه وتعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: ٨٠].

وَالخلَاف يدور مع الآية السابقة، ومع قول الله سبحانه وتعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ


(١) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (١/ ٦٣) حيث قال: " (وأما) الأجزاء التي لا دمَ فيها، فإن كانت صلبةً كالقرن والعظم والسن والحافر، والخف والظلف والشعر والصوف، والعصب والإنفحة الصلبة، فليست بنجسة عند أصحابنا".
(٢) يُنظر: "التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس" لابن الجلاب (١/ ٣٢١) حيث قال: "ولا بأسَ بالانتفاع بصوف الميتة وشعرها، ولا يجوز الانتفاع بريشها ولا عظمها ولا عصبها ولا قرنها".
(٣) يُنظر: "المبدع في شرح المقنع" لابن مفلح (١/ ٥٤)، حيث قال: " (وعظمها، وقرنها، وظفرها) وسنها، وحافرها، وعصبها (نجس) نص على ذلك من مأكول، أو غيره، كالفيل؛ لقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}، والعظم من جملتها، فيكون محرمًا، وعنه: طاهر وفاقًا لأبي حنيفة؛ لأن الموت لا يحلها، فلا تنجس بالموت كالشعر".

<<  <  ج: ص:  >  >>