للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكلَّم العلماء كثيرًا عن هذه القضية، فبعضهم عندما يجد قولًا للصحابي لا يقف على خلاف يخالفه، يقول: هذا لا يقوله الصحابيُّ برأيه، وإنما هو توقيف، فيكون إجماعًا؛ لأنَّه لا مخالف له من الصحابة، وآخرون يعارضون، ولا يرون ذلك إجماعًا، وإنما الإجماع عندما يأتي التصريح بعدم وجود خلاف (١).

قوله: (لِأَنَّهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ إِنَّمَا صَارَ إِلَى الْقَوْلِ بِهِ مِنْ جِهَةِ التَّوْقِيفِ. فَسَبَبُ الْخِلَافِ إِذن مُعَارَضَةُ الْقِيَاسِ لِقَوْلِ الصَّاحِبِ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْجَمَلِ الصَّئُولِ وَمَا أَشْبَهَهُ).

هذه مسألة مهمة، وهي تتعلق بقاعدة فقهية، والمؤلف يُشير إلى الصائل (٢)؛ لأن الصائل قد يكون رجلًا، وربما يكون بعيرًا أو بغلًا، وربما فرسًا، أو غير ذلك.

وهذا الصائل قد يصول على إنسان، وهذا الإنسان قد يدفعه دون قتله وإصابته، وربما لا يستطيع أن يدفعه إلا بقتله، فإذا صال على إنسان جملٌ أو بغلٌ أو فرس أو ثور أو غير ذلك من الحيوانات، فخشي الإنسان أن يفتك به، والإنسان مطالب بأن يُدافع عن نفسه وعن مهجته، فأدى ذلك إلى أنه لم يستطع أن يدفع ذلك الحيوان إلا بقتله؛ كأن يكون معه سهمًا فيطلقه عليه أو سكينًا حادة فيصيبه فيرديه قتيلًا، فيحفظ نفسه، فهذا الحيوان الصائل هل يلزم ضمانه أو لا؟ (٣).


(١) قول الصحابي الذي لا يعرف له مخالف، أو الصحابي المجتهد، اختلف فيها العلماء كثيرًا.
انظر: " "أصول السرخسي" (٢/ ١٥٠) وما بعدها، و"التبصرة في أصول الفقه" للشيرازي (ص ٣٩٩).
(٢) الصائل: القاصد الوثوب عليه. قال الجوهري: يقال: صال عليه. وثب، صولًا وصوله، والمصاولة: المواثبة، وكذلك الصيال والصيالة. انظر: "المطلع على ألفاظ المقنع" للبعلي (ص ٢١١).
(٣) سيأتي ذكر أقوال الفقهاء فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>