للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العجماء: هي البهيمة (١)، و"جبار" يعني: هدرًا (٢)، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "العجماء جرحها جبار"، فما يترتب عليها من فعل تلف وغيره فإنَّه مهدر؛ لأنها لا تعقل ولا تدرك، لكن لو أن قائدها يركبها فحكمها يتغير، فهو الذي يطالب بذلك، وفي الحديث الآخر رأينا أنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحاب الدواب أن يُحافظوا عليها ليلًا، فإن لم يحافظوا عليها ليلًا وأطلقوها، فإنهم يكونون ضامنين لما تتلف، وأما بالنسبة للنهار فالضمان على أصحاب البساتين؛ لأن عليهم أن يقوموا بحفظها ورعايتها.

قوله: (وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ (٣): وَتَحْقِيقُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يُضَمَّنُ إِذَا أَرْسَلَهَا مَحْفُوظَةً، فَأَمَّا إِذَا لَمْ يُرْسِلْهَا مَحْفُوظَةً فَيُضَمَّنُ).

هذا كل ما يتعلق بالعجماء، ورأينا أن المؤلف قصر حديثه فيها فيما أرسلت ليلًا تركت فإن الضمان على أهلها، وأما لو كانت نهارًا فإنَّه على أهل تلك المزارع.

قوله: (وَالمَالِكِيَّةُ تَقُولُ: مِنْ شَرْطِ قَوْلِنَا أَنْ تَكُون الْغَنَمُ فِي الْمَسْرَحِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ فِي أَرْضِ مَزْرَعَةٍ لَا مَسْرَحَ فِيهَا، فَهُمْ يُضَمَّنُونَ لَيْلًا وَنَهَارًا (٤). وَعُمْدَةُ مَنْ رَأَى الضَّمَانَ فِيمَا أَفْسَدَتْ لَيْلًا وَنَهَارًا شَهَادَةُ الْأُصُولِ لَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ تَعَدٍّ مِنَ الْمُرْسَلِ، وَالْأُصُولُ عَلَى أَنَّ عَلَى الْمُتَعَدَّي الضَّمَانَ (٥). وَوَجْهُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُنْفَلِتِ وَغَيْرِ الْمُنْفَلِتِ بَيِّن، فَإِنَّ الْمُنْفَلِتَ لَا يُمْلَكُ (٦)).


(١) العجماء: البهيمة، سميت به؛ لأنها لا تتكلم، وكل ما لا يقدر على الكلام فهو أعجم ومستعجم. انظر: "النهاية" لابن الأثير (٣/ ١٨٧).
(٢) جبار: أي هدر. انظر: "طلبة الطلبة" للنسفي (ص ٢٠).
(٣) انظر: " شرح معاني الآثار" (٣/ ٢٥٤ - ٢٠٥)، و"مشكل الآثار" (١٥/ ٤٦٥ - ٤٦٦).
(٤) ويعبرون عن المسرح بالرعي، وكلاهما صحيح بالنسبة للمعنى، وقد تقدم نقل قولهم في هذه المسألة.
(٥) تقدم نقل أقوال من قال بهذا.
(٦) تقدم نقل أقوال من قال بهذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>