للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التَّعْليل الآخَر: أنهم قالوا بأنَّه لم يكن عنده عقارٌ، إذًا المسألةُ فيها خلافٌ، لكن أيهما أرفق بالإنسان، فعلى الأقل يترك له بيت يقيم به مع أولاده، والله -سبحانه وتعالى- يقول: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ)} [البقرة: ٢٨٠].

قَوله: (وَتَوَقَّفَ مَالِكٌ (١) فِي كِسْوَةِ زَوْجَتِهِ لِكَوْنِهَا هَلْ تَجِبُ لَهَا بِعِوَضٍ مَقْبُوضٍ - وَهُوَ الِانْتِفَاعُ بِهَا - أو بِغَيْرِ عِوَضٍ. وَقَالَ سَحْنُونٌ (٢): لَا يُتْرَكُ لَهُ كِسْوَةُ زَوْجَتِهِ. وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ لَا يُتْرَكُ لَهُ إِلَّا مَا يُوَارِيِهِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ كنَانَةَ) (٣).

أما جمهور العلماء (٤) فإنهم يرون أن تُكْسَى زوجته؛ لأنَّه يجب كسوتها كوجوب نفقتها، إذًا، أكثر الفقهاء يرونَ أنَّ الكسوةَ لَازمةٌ، لكن الفقهاء يثيرون قضايا كثيرة لم يعرض لها المؤلف إذا كانت الكسوة


(١) يُنظر: "المقدمات الممهدات" لابن رشد (٢/ ٣٢٤) حيث قال: "وشك مالك في كسوة زوجته، هل تترك لها؛ لأنها لا تجب إلا بمعاوضةٍ وبطول الانتفاع بها، فيكون ذلك كالنفقة لها بعد المدة المؤقتة ".
(٢) يُنظر: "عقد الجواهر الثمينة " لابن شاس (٢/ ٧٨٨) حيث قال: "وقال سحنون: لا يترك له كسوة زوجته، ولا يترك مسكنه، ولا خادمه، ولا غير ذلك من سرجه وخاتمه وثوبي جمعته ما لم تقل قيمتها ".
(٣) يُنظر: "المقدمات الممهدات" لابن رشد (٢/ ٣٢٤) حيث قال: "وقَدْ روى ابن نافع عن مالك أنه لا يترك له إلا ثوب يواريه وهو قول ابن كنانة ".
(٤) مذهب الحنفية، يُنظر: "مختصر القدوري" (ص ٧٥) حيث قال: " وينفق على المفلس من ماله، وعلى زوجته وأولاده الصغار وذوي أرحامه ".
مَذهب الشافعية، يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (٢/ ١٩٢) حيث قال: " (وينفق) الحاكم (عليه) أيْ: على المفلس (وعلى قريبه) القديم والحادث (وزوجته القديمة) ومملوكه كأم ولده (من ماله) ما لم يتعلق به حق آخر كرهن وجناية (يومًا بيومٍ نفقة المعسرين ويكسوهم) ".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: " الإنصاف " للمرداوي (٥/ ٣٠٤) حيت قال: " (وينفق عليه بالمعروف إلى أن يفرغ من قسمه بين غرمائه)، يَعْني: عليه وعلى عياله. ومن النفقة: كسوته وكسوة عياله ".

<<  <  ج: ص:  >  >>