للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أيضًا تلزم كسوته عند العلماء.

وتبقى مسألة السكن اختلف فيها العلماء: إذا كان عنده بيتان، فلا خلَافَ بين العلماء (١) أن يُبَاع البيت الآخر، لكن إذا لم يبقَ عنده إلا بيتٌ واحدٌ، فإنَّ الإمامين مالكًا (٢) والشافعي (٣) يقولان: يُبَاع ذلك البيت ويسدد غرمه بالمحاصة كبقية أمواله، وخالف في ذلك الإمامان أبو حنيفة (٤) وأحمد (٥) فقالا: لا يباع، فحاجته إلى السكن كحاجته إلى الطعام، والإمامان الشافعي ومالك قالا: يباع بيته ويستأجر له بيت يسكن فيه.

ودليل الذين قالوا: " يُبَاع بيته ":

قصة الرجل الذي أفلس، فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر ببيع أمواله، وقصة هذا الحديث معروفة (٦).

والذين قالوا: "لا يُبَاع بيته "، قالوا: إنَّ الحاجة للسكن كالحاجة إلى الأكل والشرب لا تَقلُّ منفعةً عنهم، وأجَابوا عن حديث: "خُذُوا ما وجدتم " (٧) احتمال أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "خُذُوا ما وجدتم "؛ أي: خذوا ما وجدتم من الأموال التي تصدق عليكم الناس بها، لا الدار التي يسكنها.


(١) لأن ذلك من جملة " وماله "، وسيأتي الخلاف في المسكن الواحد.
(٢) يُنظر: "شرح التلقين" للمازري (٣/ ٢٦٧) حيث قال: "ولو كان عند المفلس دار يحتاج لسكناها، وخادم لا بدَّ له منها، فإنه يباعان عليه في التفليس ".
(٣) يُنظر: "منهاج الطالبين " للنووي (ص ٥٨) حيث قال: "ويباع مسكنه وخادمه في الأصح ".
(٤) يُنظر: "مجمع الأنهر" لشيخي زاده (٢/ ٤٤٣) حيث قال: "وعلى هذا إذا كان له مسكن ويمكنه أن يشتري بما دون ذلك، يبيع ذلك المسكن، ويقضي ببعض الثمن الدَّين، ويشتري بالباقي مسكنًا يكفيه كما في التبيين ".
(٥) يُنظر: "شرح مُنْتهى الإرادات " للبهوتي (٢/ ١٦٧) حيث قال: " (أو يترك له) من ماله (بدلهما) دفعًا لحاجته (ويبذل أعلى) مما يصلح لمثله من مسكنٍ وخادمٍ وثوبٍ وغيرها (بصالح) لمثله؛ لأنه أحظ للمفلس والغرماء".
(٦) تقدمت في قصة معاذ وجابر - رضي الله عنه -.
(٧) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>