للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قياسُ مالكٍ أقوى؛ لأنَّه فرق بين الميت وغيره، ومعلوم أن الحي يعمل ويعيد الكَرَّة ويبذل جهده، أما الميت فانتهى أمره.

قَوْله: (وَتَرْجِيحُ حَدِيثِهِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ مِنْ جِهَةِ أَنَّ مُوَافَقَةَ القِيَاسِ لَهُ أَقْوَى).

موافقة القياس لرأي مالكٍ وأحمد.

قَوْله: (وَذَلِكَ أَنَّ مَا وَافَقَ مِنَ الأَحَادِيثِ المُتَعَارِضَةِ قِيَاسَ المَعْنَى فَهُوَ أَقْوَى مِمَّا وَافَقَهُ قِيَاسُ الشَّبَهِ) (١).

لأنَّه فرَّق بين القياسين: قياس العلة (٢) الذي يُعْرف بقياس المعنى، وهو حجة، وهو أحد الأدلة الشرعية، إلحاق فرع بأصل في حكم العلة تجمع بينهم؛ لكن قياس الشبه ضعيف؛ لأنَّه لا يُبْنَى على أصول، مجرد شبه بين أمرين.

قَوْله: (أَعْنِي: أَنَّ القِيَاسَ المُوَافِقَ لِحَدِيثِ الشَّافِعِيِّ هُوَ قِيَاسُ شَبَهٍ، وَالمُوَافِقَ لِحَدِيثِ مَالِكٍ قِيَاسُ مَعْنًى، وَمُرْسَلُ مَالِكٍ خَرَّجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ).


(١) قال ابن قدامة في "روضة الناظر" (ص ٣١٢): "هو أن يتردد الفرع بين أصلين: حاظر ومبيح مثلًا، ويكون شبهه بأحدهما أكثر نحو أن يشبه المبيح في ثلاثة أوصاف، ويشبه الحاظر في أربعة، فلنلحقه بأشبههما به.
ومثاله: تردد العبد بين الحر وبين البهيمة في أنه يملك، فمن لم يملكه قال: حيوان يجوز بيعه ورهنه وهبته وإجارته وإرثه أشبه بالدابة، ومن يملكه قال: يُثَاب ويعاقب وينكح ويطلق ويكلف أشبه الحر، فيلحق بما هو أكثر هما شبهًا. وقيل: الشبه الجمع بين الأصل والفرع بوصف يوهم اشتماله على حكمة الحكم من جلب المصلحة أو دفع المفسدة ".
(٢) "قياس العلة": هو أن يحمل الفرع على الأصل بالعلة التي علق الحكم عليها في الشرع، ويسمى: قياس المعنى، وينقسم إلى جلي وخفي، فأما الجلي فما علم من غير معاناة وفكر، والخفي ما لا يتبين إلا بإعمال فكر. يُنظر: " البحر المحيط " للزركشي (٤/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>