للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوْله: (بِأَنَّ دَيْنَهُ قَدْ حَلَّ حِينَ مَاتَ. وَحُجَّتُهُمْ: أَنَّ اللَّهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - لَمْ يُبحِ التَّوَارُثَ إِلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ).

قصده بأنَّ الدَّين يُقدَّم على الميرَاث؛ لأنَّه أوَّل ما يبدأ به بتجهيزه وتكفينه وغير ذَلكَ، ثم بعد ذلك تُسدَّد الديون؛ لأن الدُّيونَ من أهمِّ الأمور التي ينبغي أن يتخلَّص منها المؤمن؛ لأن نفس المؤمن معلقة بالدَّين كما جاء في الحديث الصحيح بأن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " نفس المؤمن معلقةٌ بدَيْنه " (١)، وما أكثر الذين يتساهلون في الديون! فالشهيد يغفر له كل شيءٍ إلا الدَّين (٢).

قوْله: (فَالوَرَثَةُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا ألَّا يُرِيدُوا أن يُؤَخِّرُوا حُقُوقَهُمْ فِي المَوَارِيثِ إلى مَحِلِّ أَجَلِ الدَّيْنِ، فَيَلْزَمُ أن يَجْعَلَ الدَّيْنَ حَالًّا، وَإِمَّا أن يَرْضَوْا بِتَأْخِيرِ مِيرَاثِهِمْ حَتَّى تَحِلَّ الدُّيُونُ فَتَكُونَ الدُّيُونُ حِينَئِذٍ مَضْمُونةً فِي التَّرِكَةِ خَاصَّةً لَا فِي ذِمَمِهِمْ، بِخِلَافِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ. قَبْلَ المَوْتِ؛ لأنَّه كَانَ فِي ذِمَّةِ المَيِّتِ، وَذَلِكَ يَحْسُنُ فِي حَقِّ ذِي الدَّيْنِ. وَلذَلِكَ رَأَى بَعْضُهُمْ أنَّه إنْ رَضِيَ الغُرَمَاءُ بِتَحَمُّلِهِ فِي ذِمَمِهِمْ أُبْقِيَتِ الدُّيُونُ إلى أَجَلِهَا، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا القَوْلِ ابْنُ سِيرِينَ، وَاخْتَارَهُ


(١) أخرجه الترمذي (١٠٧٨) وقال: حسن غريب، وصحَّحه الأَلْبَانيُّ في "المشكاة" (٢٩١٥).
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢٧٧٨)، ولفظه: "شهيد البحر مثل شهيدي البر، والمائد في البحر كالمتشحط في دمه في البر، وما بين الموجتين كقاطع الدنيا في طاعة الله، وإن الله - عز وجل - وكل ملك الموت بقبض الأرواح إلا شهيد البحر، فإنه يتولى قبض أرواحهم ويغفر لشهيد البر الذنوب كلها إلا الدين، ولشهيد البحر الذنوب والدَّين ".
وَضَعَّفه البوصيري في "مصباح الزجاجة" (٢/ ٩٩)، وَالأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (١١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>