للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعض العلماء يجيزون شراءه واقتراضه في الذمة، هذا حتى بعد الحجر؛ كالحنَابلة (١)؛ فَإنَّهمْ لا يَمْنعون المحجورَ عليه أن يشتري، أو أَنْ يقترضَ، قالوا: لأنَّ هذا أمرٌ متعلقٌ بذمته لا بالمال، والمال قد حجر علَيه، ليس من حقه أن يتصرَّف فيه، والمسؤولية على هذا الذي باعه أو أقرضه.

قوله: (وَأَمَّا حَالُهُ بَعْدَ التَّفْلِيسِ: فَلَا يَجُوزُ لَهُ فِيهَا عِنْدَ مَالِكٍ (٢) بَيْعٌ، وَلَا شِرَاءٌ، وَلَا أَخْذٌ، وَلَا عَطَاءٌ، وَلَا يَجُوزُ إِقْرَارُهُ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ لِقَرِيبٍ وَلَا بَعِيدٍ، قِيلَ: إِلَّا أن يَكُونَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ بَيِّنةٌ).

لَا يَجُوز عند مَالِكٍ، وَلكنَّه رأي الجمهور كما قلنا في مَذْهب الحنابلة (٣) فيما يتعلَّق باقتراضه وشرائه (أي: بما يتعلَّق بالذمة)، فيُجيزُونَه؛ لأن هذا لا يترتب عليه ضرر بالغرماء، وهذا الذي رضي أن يبيعه أو أن يقرضه، ويعرف بأنَّه محجور عليه، فهو يتحمل ما يَتَرتب على ذلك، وهذا أيضًا دَينٌ في الذمة ليس حاضرًا كحال الغرماء؛ لأن الغريم سيُبَاع ما بين يديه، ويأخذ كلٌّ حقه إن أمكن أن يصل إلى كل إنسان حقه، أو يأخذ كل واحد منهم نسبته.


(١) يُنظر. " الروض المربع " للبهوتي (ص ٢٥١) حيث قال: " ويستحبُّ إظهاره "، أيْ: إظهَار حجر المفلس، وَكَذا السفيه ليعلم الناس بحاله فلا يعاملوه إلا على بصيرةٍ " ولا ينفذ تصرفه " أي: المحجور عليه لفلس " في ماله " الموجود والحادث بإرثه أو غيره، " بعد الحجر " بغير وصية أو تدبير " ولا إقراره عليه " أي: على ماله؛ لأنه محجور عليه، وأما تصرفه في ماله في الحجر عليه، فصحيح؛ لأنه رشيد غير محجور عليه، لكن يحرم عليه الإضرار بغريمه.
(٢) يُنظر: "شرح مختصر خليل " للخرشي (٥/ ٢٦٨) حيث قال: "يعني أن المفلس بالمعنى الأخص، أو بالمعنى الأعم وهو قيام الغرماء إذا أقرَّ في مجلس التفليس، أو أقر به بدَيْنٍ في ذمته لمَنْ لا يتهم عليه، فإن إقراره يقبل بشرط أن يكون الدَّين الذي حجر عليه فيه ثبت بإقراره، وأما إنْ ثبت بالبينة الشرعية، فإن إقراره بالمجلس وقربه لا يفيد شيئًا بالنسبة إلى المال الذي في يده، وأما بالنسبة لتعلقه بذمته فيفيد".
(٣) يُنظر: " شرح مُنْتهى الإرَادات " للبهوتي (٢/ ١٦١) حيث قال: " (وإن تصرف) محجور عليه لفلس (في ذمته بشراء أو إقرار ونحوهما) كإصداق وضمان (صح) لأهليته للتصرف، والحجر يتعلق بماله لا بذمته ".

<<  <  ج: ص:  >  >>