للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوْله: (وَأَمَّا جُمْهُورُ (١) مَنْ قَالَ بِالحَجْرِ عَلَى المُفْلِسِ، فَقَالُوا: هُوَ قَبْلَ الحُكْمِ كسَائِرِ النَّاسِ، وَإِنَّمَا ذَهَبَ الجُمْهُورُ لِهَذَا؛ لأنَّ الأصْلَ هُوَ جَوَازُ الأَفْعَالِ حَتَّى يَقَعَ الحَجْرُ).

هَذا هو الصَّحيح، أن الإنسانَ حرٌّ في ماله ما دام يملك هذا المال، ومن حقِّه التصرُّف فيه، فلماذا يمنع منه دون سبب، وكونه قد أفلسَ يحتاج إلى حُكْمٍ، بأن يُطالِب الغرماء، وأن يُرْفع أمره إلى الحاكم، ثم يتخذ الحاكم حكمه في ذلك، وأيضًا لو طالب بعضهم ولم يطالب الآخر، فهل يتمُّ الحجر عليه؟ المسألة فيها خلاف.

قوْله: (وَمَالِكٌ كأَنَّهُ اعْتَبَرَ المَعْنَى نَفْسَهَ، وَهُوَ إِحَاطَةُ الدَّيْنِ بِمَالِهِ، لَكِنْ لَمْ يَعْتَبِرْهُ فِي كُلِّ حَالٍ؛ لأنَّه يَجُوزُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ إذا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُحَابَاةٌ، وَلَا يُجَوِّزُهُ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ) (٢).


(١) يُنظر: "العناية شرح الهداية" للبابرتي (٩/ ٢٦٤) حيث قال: "ولو باع قبل حجر القاضي جاز عند أبي يُوسُف؛ لأنه لا بد من حجر القاضي عنده؛ لأنَّ الحجر دائرٌ بين الضرر والنظر والحجر لنظره، فلا بُدَّ من فعل القاضي. وعند محمد لا يجوز؛ لأنه يبلغ محجورًا عنده، إذ العلة هي السفه بمنزلة الصبا، وعلى هذا الخلاف إذا بلغ رشيدًا ثم صار سفيهًا".
ويُنظر: "مغني المحتاج " للشربيني (٢/ ١٧٠) حيث قال: "يعود الحجر بلا إعادة"، كالجنون وتصرفه قبل الحجر عليه صحيح.
وينظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ٤٢٣) حيث قال: "وكل ما فعله المفلس في ماله قبل الحجر عليه: من البيع، والهبة، والإقرار، وقضاء بعض الغرماء، وغير ذلك فهو نافذ؛ لأنَّه من مالكٍ جائزِ التصرف ".
(٢) يُنظر: " شرح مختصر خليل " للخرشي (٩/ ٢٦٤) حيث قال: " فبسَبب حجره يمنع من التصرف المالي من بيع وشراء وكراء واكتراء ولو بغير محاباة، وما في الشارح من أن المنع من البيع حيث كان بمُحَاباة، فيه نظر؛ لأن المحاباة من التبرع وهو يمنع منه بمجرد الإحاطة، وإذا وقع منه التصرف أوقف على نظر الحاكم ردًّا وإمضاءً، وأما لو التزم شيئًا في ذمته، أو اشترى أو اكترى بشيءٍ في ذمته إلى أجل معلوم، فلا يمنع على أن يوفيه من مال يطرأ له غير ما حجر عليه فيه ".

<<  <  ج: ص:  >  >>