للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المحاصة (١): أن يقسم الغرماءُ مالَه بينهم، كلٌّ يأخذ حصته، ومن المعلوم أنه لو كان أحد الغرماء قد وجد متاعه عنده بعينه، فَإنَّه يأخذه؛ لأنَّ الرَّسولَ - صلى الله عليه وسلم - قال في الحديث المتفق عليه: "من أدرك متاعه بعينه عند رجل قد أفلس، فهو أحق به " (٢) أي: أحق به من غيره، لكن يكون قد أدركه بعينه دون تغييرِ أو تبديلٍ، ودون أن يخرج من ملكِهِ، ودون أن ينتقل عنه، ودون أن تطرأَ عليه أمور، أما لو طرأت عليه أمور، فهذا محلُّ خِلَافٍ بين العلماء.

قَوْله: (فَأَمَّا المُفْلِسُ: فَلَهُ حَالَانِ: حَالٌ فِي وَقْتِ الفَلَسِ قَبْلَ الحَجْرِ عَلَيْهِ، وَحَالٌ بَعْدَ الحَجْرِ).

تَبيَّنَ أنَّ هذَا الإنسانَ قد أفلسَ، لكنه لم يصدر حُكْمٌ عليه بالحجر، والحالة الثانية أن يُحْجر عليه، وَمالكٌ -رحمه الله - يُلْحق الحالة الأولى بالثانية، فيرى أنه إذا ثبت إفلاسه، وهو بَعْدُ لم يحجر عليه، فإنَّه يعامل معاملة مَنْ يكون مفلسًا قد حجر عليه، وخالفه الأئمة الثلاثة في ذلك، وقالوا: إنَّ هذا ماله، وله أن يتصرف فيه وهو بَعْدُ لم يحجر عليه، فلماذا يمنع؟!

قَوْله: (فَأَمَّا قَبْلَ الحَجْرِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ إِتْلَافُ شَيْءٍ).

القصد بالإتلاف هو الصرف من هبةٍ أو شراءٍ، أو نحو ذلك.

قوله: (مِنْ مَالِهِ عِنْدَ مَالِكٍ (٣) بِغَيْرِ عِوَضٍ إذا كانَ مِمَّا لَا يَلْزَمُهُ، وَمِمَّا لَا تَجْرِي العَادَةُ بِفِعْلِهِ).


(١) " المحاصة": المقاسمة، حاصصت فلانًا محاصة وحصاصًا إذا قاسمته فأخذت حصتك، وأعطيته حصته. انظر: "الصحاح" للجوهري (٣/ ١٠٣٣).
(٢) أخرجه مسلم (١٥٥٩).
(٣) يُنظر: "عقد الجواهر الثمينة" لابن شاس (٢/ ٧٩٨) حيث قال: " اختلف في أفعال مَنْ يستحقُّ الحجر إذا تصرف في ماله قبل الحجر. فقال ابن كنانة وابن نافع: تمضي. وقال ابن القاسم: تصرفه على الرد كالمحجور عليه. وقال مطرف وابن الماجشون: إذا كان سفهه قبل البلوغ ثم لم يأت عليه حال رشد كانت أفعاله مردودة؛ لأنه لم =

<<  <  ج: ص:  >  >>