للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك العمل وهي أيضًا إن رضيت، لكن وقع وطءٌ صحيح فواجب أن يعتبر.

قوله: (وَشَذَّ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ (١) فَقَالَ: إِنَّهُ جَائِزٌ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠]. وَالنِّكَاحُ يَنْطَلِقُ عَلَى الْعَقْدِ).

سعيد بن المسيب الإمام الكبير الجهبذ اجتهد في هذه المسأله فربما لم يبلغه حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والله تعالى يقول: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٨٥].

فأخذ بظاهر الآية: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠]، وفسر النكاح على أنه العقد ولا يشترط بعد ذلك الوطء، وهذا قد قالته فرقة من الذين ضلوا عن الطريق السوي وخرجوا عن طريق الهداية والتزموا طريق الغواية، ولكن هؤلاء لا يلتفت إلى أقوالهم ولا يعتد بها، من أولئك الأقوام الذين قالوا لا نأخذ الحكم إلا من كتاب الله عز وجل، أما سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يرجعون إليها، لذلك لا يرون من مانع أن يجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها، مع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها" (٢).

وهذا لم يرد ضمن الآيات التي ذكرت المحرمات في كتاب الله عز وجل، وهذا نصٌّ لا يلتفتُ إليه وإن صدر من إمام جليلٍ؛ لأنه صدر فيه نصٌّ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.


(١) يُنظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (٥/ ٢٣٨) حيث قال: "وكان سعيد بن المسيب من بين أهل العلم يقول: إذا تزوجها تزويجًا صحيحًا لا يريد به إحلالًا، فلا بأس بأن يتزوجها الأول، ولا نعلم أحدًا من أهل العلم قال بقول سعيد هذا إلا الخوارج".
(٢) أخرجه البخاري (٥١٠٩)، ومسلم (١٤٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>