للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلق رفاعة امرأته ثلاثًا فتزوجت عبد الرحمن بن الزبير فبقيت عنده فلم يستطع أن يطأها، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبينت عند رفاعة وأنه بتَّ طلاقها، وأنها عند زوجها الثاني عبد الرحمن وأنها معه مثل هدبة النَوب، أي لم يستطع أن يواقعها، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا حتى تذوقي عسيلتَه ويذوق عسيلتَكِ".

ومن هنا وضع العلماء شروطًا ثلاثةً لكي ترجع المطلقة طلاقًا ثلاثًا إلى زوجها الأول:

أول هذه الشروط: أن ينكحها زوجًا آخر، أي أن تتزوج بغيره؛ لأنَّ الله تعالى قال: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠].

ونص العلماء على أنها لو كانت أمةً فطلقها زوجها فوطأها سيدُها فلا يعتبر ذلك تحليلًا (١) لها؛ لأن الله تعالى قال: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠]، وهذا ليس زوجًا وإنما هو سيدها وله أن يطأها.

الشرط الثاني: أن يكون النكاح صحيحًا: وبذلك يخرج نكاح المحلل الذي قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله المحلل والمحلل له" (٢)، أي: الذي يتزوج هذه المرأة ليحلها لغيره، ولعن أيضًا الزوج الذي رضي بذلك إن كان قد رضي أن يتزوجها فلانٌ ليحلها له.


(١) مذهب الحنفية. ينظر: "مختصر القدوري" (ص ١١٦) حيث قال: "ووطء المولى لا يحللها". ومذهب المالكية، يُنظر: "الكافي في فقه أهل المدينة" لابن عبد البر (٢/ ٥٧٣) حيث قال: "ولو كانت زوجته أمه فبت طلاقها ثم استبرأها لم تحل له بملك يمينٍ لم تحل بذلك حتى يطأها بعد طلاقه لها بعقد نكاحٍ".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "المهذب" للشيرازي (٣/ ٥٠) حيث قال: "فإن رآها رجل أجنبيٌّ فظنها زوجته فوطئها أو كانت أمةً فوطئها مولاها لم تحل".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٧/ ٥١٦) حيث قال: "فلو كانت أمةً فوطئها سيدها لم يحلها".
(٢) أخرجه أبو داود (٢٠٧٦) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٨٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>