للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَهَؤُلَاءِ كَأَنَّهُمْ رَأَوْا مَنْعَ النِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ عِبَادَةً).

وهذا من باب التضييق، فإذا كانت هناك نفرةٌ وزالت ثم ترجع وتفكر، فيكون ذلك كالحال بالنسبة للرجل إذا طلَّق، فكم من أناس طلقوا وندموا؟!

قوله: (وَأَمَّا الْبَائِنَةُ بِالثَّلَاثِ: فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ كلَّهُمْ عَلَى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا لَا تَحِلُّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ).

هذا أيضًا أمرٌ مجمعٌ عليه (١)، وهو نصٌّ في كتاب الله عَزَّ وجَلَّ: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩] ثم قال بعد ذلك: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] أي: الثالثة .. إذًا هو أشد من غيره.

فالرجل الذي يطلق امرأته ثلاثًا رجوعه إلي الأجنبيِّ أقرب إليه منها؛ لأنَّ الأجنبي يتقدم ويتزوجها، أما هذا فلا يجوز أن يتزوجها إلا بعد زوجٍ، ولهذا نجد أنَّ شريعة الله وضعت لنا أمورًا لو التزمناها لما انطلق رجلٌ خلف امرأةٍ كما قال علي - رضي الله عنه -.

قوله: (إِلَّا بَعْدَ الْوَطْءِ، لِحَدِيت رَفَاعَةَ بْنِ سَمَؤلٍ: "أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَمِيمَةَ بِنْتَ وَهْبٍ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثلَاثًا، فَنَكَحَتْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَاعْتَرَضَ عَنْهَا فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَمَسَّهَا فَفَارَقَهَا، فَأَرَادَ رِفَاعَةُ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ أَنْ يَنْكِحَهَا، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فنَهَاهُ عَنْ تَزْوِيجِهَا وَقَالَ: "لَا تَحِلُّ لَكَ حَتَّى تَذُوقَ الْعُسَيْلَةَ" (٢)).


(١) يُنظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (٥/ ٢٣٨) حيث قال بعد ذكر المسألة: "وأجمع عامة علماء الأمصار على القول بما ذكرناه، إلا ما رويناه عن سعيد بن المسيب".
(٢) أخرجه البخاري (٢٦٣٩)، ومسلم (١٤٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>