للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلقة الرجعية: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩].

قوله: (بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا (١) عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ أَحَقُّ بِهَا قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ، وإذَا كَانَتِ الرَّجْعَةُ صَحِيحَةً كَانَ زَوَاجُ الثَّانِي فَاسِدًا).

لا شك أنَّ كلام المؤلف هو الصحيحُ، وهذا هو التعليل الذي ذهب إليه جمهور العلماء؛ لأنَّ هذه المعتدة أصلًا في حكم الزوجةِ، وعندما ردها إليه أصبحت زوجةً له لا تختلف عن غيرها، فزواج غيره بها هو زواجٌ فاسدٌ غير صحيحٍ، وإذا كان قد تزوج امرأةً في عصمة زوجٍ فهذا غير جائزٍ فيرد الأمرُ إلى الصواب.

قوله: (فَإِنَّ نِكَاحَ الْغَيْرِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي إِبْطَالِ الرَّجْعَةِ لَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا بَعْدَ الدُّخُولِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ إِنْ شَاءَ الله، وَيَشْهَدُ لِهَذَا مَا خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا اثْنَانِ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا، وَمَنْ بَاعَ بَيْعًا مِنْ رَجُلَيْنِ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا").

هذا الحديث أخرجه أصحاب السنن (٢) والإمام أحمد في مسنده (٣)، والبيهقي في سننه الكبرى (٤)، والحاكم وصححه (٥)، وهو حديث صحيحٌ وحجةٌ، وأما السماع فقد صحَّ السماع من سمرة بن جندب رضي الله عنه، إذًا السماع ثابتٌ (٦).


(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١٧/ ٣١٧) حيث قال: "وأجمع العلماء أنَّ الأول أحقُّ بها لو جاء قبل أن تتزوج كانت امرأته لرجعته إياها".
(٢) أخرجه أبو داود (٢٠٨)، وغيره. وضعَّفه الألباني في "ضعيف الجامع" (٢٢٢٤).
(٣) أخرجه أحمد (١٧٣٤٩).
(٤) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٧١٣٩).
(٥) أخرجه الحاكم في المستدرك (٢/ ٣٥).
(٦) قال ابن حجرٍ في "تلخيص الحبير" (٣/ ٣٥٧): "صححه أبو زرعة وأبو حاتم والحاكم في المستدرك وذكره في النكاح بألفاظٍ توافق اللفظ الأول وصحته متوقفةٌ على ثبوت سماع الحسن من سمرة فإن رجاله ثقاتٌ لكن قد اختلف فيه على الحسن".

<<  <  ج: ص:  >  >>