للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: إِنَّ الزَّوْجَ الَّذِي ارْتَجَعَهَا مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ امْرَأَتَهُ أَوْ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِمَا كَانَ أَصْدَقَهَا (١)، وَحُجَّةُ مَالِكٍ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى: مَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: مَضَتِ السُّنَّةُ فِي الَّذِي يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثمَّ يُرَاجِعُهَا فَيَكْتُمُهَا رَجْعَتَهَا حَتَّى تَحِلَّ فَتَنْكَحَ زَوْجًا غَيْرَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِنْ أَمْرِهَا شَيْءٌ، وَلَكِنَّهَا لِمَنْ تَزَوَّجَهَا (٢)، وَقَدْ قِيلَ إِن هَذَا الْحَدِيثَ إِنَّمَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فَقَطْ (٣).

وَحُجَّةُ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ أَجْمَعُوا (٤) عَلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِهَا الْمَرْأَةُ).

أجمع العلماء على أنَّ استرجاع الزوج لزوجته صحيحةٌ علمت الزوجة أو لم تعلم؛ لأن الله تعالى يقول: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨]، إذًا ما دام الحق للزوج فلا يحتاج أن يأخذ رضى المرأة، وقوله سُبحانه وتعالى في


(١) ذكره ابن عبد البر في "الاستذكار" (١٧/ ٣١٤) قال: "حدثني أبو معاوية، عن الشيباني، عن الشعبي، قال: سئل عمر عن رجلٍ غاب عن امرأته، فبلغها أنه مات، ثم جاء الزوج الأول، فقال عمر: يخير الزوج بين الصداق وامرأته، فإن اختار الصداق تركها مع الآخر، وإن شاء اختار امرأته".
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ١٣٧).
وأخرج عبد الرزاق في المصنف (٦/ ٣٢٦) عن أبي الشعثاء أن أبا الشعثاء أخبره قال: تماريت أنا ورجلٌ من القراء الأولين في المرأة يطلقها زوجها، ثم يرتجعها فيكتمها رجعتها حتى تنقضي عدتها قال: فقلت: ليس له شيءٌ قال: فسألنا شريحًا فقال: "ليس للأول إلا فسوة الضبع".
(٣) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ١٧٣) قال: "وهذا الخبر إنما يروى عن ابن شهاب أنه قال: مضت السنة لا أذكر فيها سعيدًا".
(٤) يُنظر. "الإقناع"، لابن المنذر (١/ ٣٢٩)، وفيه قال: "ولم يختلف أهل العلم أنَّ الحر إذا طلق امرأته الحرة المدخول بها تطليقةً أو تطليقتين أنه أحق برجعتها حتى تنقضي العدة".

<<  <  ج: ص:  >  >>