للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدْخُلْ، وَبِهِ قَالَ دَاوُد، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ (١) وَهُوَ الْأَبْيَنُ).

قول جمهور العلماء: أنها ترد إلى الزوج الأول، وأنَّ الزواج الثاني منها يعتبر زواجًا غير صحيحٍ؛ لأنه تزوج امرأةً في عصمة زوجٍ فلا يجوز ذلك، بل يعتبر العقد فاسدًا وترد إلى الأول، وهذا هو قول الإمام أبي حنيفة، والشافعي، وهو الصحيح من مذهب أحمد (٢).

لأنه جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا ينطق عن الهوي ما يؤيد هذا الرأي (٣)، ولا شك إذا حصل خلافٌ ووجدنا دليلًا من كتاب الله عز وجل فنقف عند هذا الدليل أو لسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فلا يجوز أن نعدل عنهما إلى قول أي إنسانٍ كائنًا من كان، فإنَّ هؤلاء الأئمة مهما بلغوا الغاية من العلم ومن الفضل، فليسوا أفضل من الصحابة - رضي الله عنهم -، فلا شك أنَّ أفضل هذه الأمة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما هم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يمكن أن تقدَّم أقوالهم أو قول أحدٍ منهم على قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والله تعالى يقول: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء: ٥٩].

إذًا الرد إلى كتاب الله وإلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما كان حيًّا، وبعد موته عليه الصلاة والسلام إنما يكون الرجوع إلى سنته - صلى الله عليه وسلم -، ولقد حفظ الله سبحانه وتعالى لنا هذا الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} [الحجر: ٩]، وكذلك أيضًا عني علماء هذه الأمة بأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.


(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١٧/ ٣١٧) حيث قال: "هو قول إبراهيم وفقهاء الكوفيين، أبي حنيفة وأصحابه، والثوري والحسن بن حي، وبه قال الشافعي وأبو ثور وداود، كلهم يقول في ذلك بقول علي الأول أحق بها دخل الثاني أم لا".
(٢) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٧/ ٥٣٣) حيث قال: "وإذا طلقها، ثم أشهد على المراجعة من حيث لا تعلم، فاعتدت، ثم نكحت من أصابها، ردت إليه، ولا يصيبها حتى تنقضي عدتها في إحدى الروايتين، والأخرى هي زوجة الثاني".
(٣) هو حديث سمرة بن جندب الآتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>