للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن عمر - رضي الله عنه - بَيَّن أن الزيادة في المهور سيترك أثرًا غير طيب في نفس المتزوج، فليس معنى أن العلماء بيَّنوا أنه لا حد لأعلاه أن يتنافس المتنافسون فيه، وإنما ينبغي أن تكون المنافسة بالتقليل منه لا بالزيادة فيه.

قوله: (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَمَّا جِنْسُهُ: فَكُلُّ مَا جَازَ أَنْ يُتَمَلَّكَ وَأَنْ يَكُونَ عِوَضًا).

يعني: المهر يصح من كل شيء يجوز أن يباع ويشترى وكذلك ما يجوز للإنسان أن يتملك به فيدفع من النقدين، وكذلك من القمح والشعير وغير ذلك، لكن ينبغي أن يكون معينًا وأن يكون معلوم الجنس، وقضية الوصف هي التي فيها الخلاف.

قوله: (وَاخْتَلَفُوا مِنْ ذَلِكَ فِي مَكَانَيْنِ: فِي النِّكَاحِ بِالْإِجَارَةِ، وَفي جَعْلِ عِتْقِ أَمَتِهِ صَدَاقَهَا، أَمَّا النّكَاحُ عَلَى الْإِجَارَةِ فَفِي الْمَذْهَبِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ (١): قَوْلٌ بِالْإِجَازَةِ، وَقَوْلٌ بِالْمَنْعِ، وَقَوْلٌ بِالْكَرَاهَةِ).

يعني: هل يجوز أن يكون المهر إجارة؟ والإجارة أنواع؛ لأنه قد يكون المؤجر ولي المهر كما في قصة شعيب كما قال الله تعالى: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: ٢٧]، وربما يكون الذي استأجره المرأة؛ لأن المرأة قد تكون غنية.

فاستئجار المرأة للرجل على نوعين:

النوع الأول: أن تستأجره لخدمتها في المنزل، وهذا له حكم وفيه


(١) يُنظر: "البيان والتحصيل" لابن رشد الجد (٤/ ٤٢٤)؛ حيث قال: "وأما النكاح بالأجرة مثل أن يتزوجها على أن يحجها أو يعمل لها عملًا ففيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن ذلك مكروه …
والثاني: أن ذلك لا يجوز كان معه نقد أو لم يكن، فإن وقع فسخ قبل الدخول وثبت بعده، وكان فيه صداق المثل.
والثالث: الفرق بين أن يكون معه نقد أو لا يكون معه نقد".

<<  <  ج: ص:  >  >>