للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من يُفرِّق بين من وقف نفسه لهذا العمل، فالمسألة فيها خلاف معروف، وهذا الاختلاف أيضًا تطرق إلى مسألة المهر، هل يجوز أن يكون المهر تعليم القرآن، الحنفية يخالفون في ذلك وينازعون بدعوى أن تعليم القرآن ليس مالًا، والله تعالى يقول: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: ٢٤]، وهذا ليس مالًا، والعلماء الآخرون قالوا: لا، هذه أجرة والأجرة إنما يقابلها شيء.


= ومذهب الشافعية في المشهور عندهم، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٤/ ١١٠)؛ حيث قال: "تنبيه: كلام المصنف قد يفهم أنه لا ينفعه ثواب غير ذلك كالصلاة عنه قضاء أو غيرها، وقراءة القرآن، وها هو المشهور عندنا، ونقله المصنف في "شرح مسلم" و"الفتاوى" عن الشافعي - رضي الله عنه - والأكثرين … وقال ابن عبد السلام في بعض فتاويه: لا يجوز أن يجعل ثواب القراءة للميت؛ لأنه تصرف في الثواب من غير إذن الشارع".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "مطالب أولي النهى" للرحيباني (٣/ ٦٣٨)؛ حيث قال: "لا يصح الاستئجار على القراءة وإهدائها إلى الميت؛ لأنه لم ينقل عن أحد من الأئمة الإذن في ذلك، وقد قال العلماء: إن القارئ، إذا قرأ لأجل المال؛ فلا ثواب له، فأي شيء يهدى إلى الميت؟: وإنما يصل إلى الميت العمل الصالح، والاستئجار على مجرد التلاوة لم يقل به أحد من الأئمة".
والقول الثاني: ذهبوا إلى جواز الاستئجار على تلاوة القرآن لانتفاع الميت بها لا حصول ثوابها له.
وهم المتأخرون من المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير (١/ ٤٢٣)؛ حيث قال: "لكن المتأخرون على أنه لا بأس بقراءة القرآن والذكر وجعل ثوابه للميت ويحصل له الأجر إن شاء الله وهو مذهب الصالحين من أهل الكشف". وانظر: "الفروق" للقرافي (٣/ ١٩٣).
ومذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٣/ ٤٥٦)؛ حيث قال: "فرع الإجارة للقرآن على القبر مدة معلومة أو قدرًا معلومًا جائزة للانتفاع بنزول الرحمة حيث يقرأ القرآن ويكون الميت كالحي الحاضر، سواء أعقب القرآن بالدعاء أم جعل أجر قراءته له أم لا، فتعود منفعة القرآن إلى الميت في ذلك؛ ولأن الدعاء يلحقه وهو بعدها أقرب إلى الإجابة وأكثر بركة؛ ولأنه إذا جعل أجرة الحاصل بقراءته للميت فهو دعاء بحصول الأجر له فينتفع به، فقول الشافعي - رضي الله تعالى عنه -: إن القراءة لا تحصل له محمول على غير ذلك". وانظر: "روضة الطالبين" للنووي (٥/ ١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>