للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَبَهُ الْعِبَادَاتِ خَالِصًا، وَإِنَّمَا صَارَ الْمُرَجِّحُونَ لِهَذَا الْقِيَاسِ عَلَى مَفْهُومِ الْأثَرِ (١)؛ لاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْأَثَرُ خَاصًّا بِذَاكَ الرَّجُلِ).

يريد المؤلف أن يقول: هذا القياس الذي بُنِي على مقدمتين ضعيفتين وهو في الأصل قياس شبه ضعيف، إنما أيَّدوا أو قوَّوا قياسهم بالاحتمال المتطرق للحديث، وهو أن يكون هذا خاصًّا بالرجل، والأصل في الأحكام أنها عامة (٢)، والأحكام التي تأتي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخل فيها المؤمنون إلا أن يُخص - عليه الصلاة والسلام -، كقوله تعالى: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: ٥٠]، فما بالك بحكمٍ يحصل أمام الرسول - صلى الله عليه وسلم - في رجلٍ من المسلمين؛ لأنه لو كان خاصًّا لبيَّنَه الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن واجبه البيان.

قوله: (لِقَوْلِهِ فِيهِ: "قَدْ أَنْكَحْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآن" (٣) وَهَذَا خِلَافٌ لِلأُصُولِ).

قضية أخذ الأجرة على القرآن هذه المسألة مختلفٌ فيها، فالحنفية (٤)


(١) يقصد حديث الرجل الذي قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "التمس ولو خاتمًا من حديد".
(٢) يعني: أن الأصل في إطلاق الكلام دلالته العمومية إذا تضمن لفظًا أو صيغة من صيغ العموم، مثل أن يقول الناس على سبيل المثال، فإن هذا اللفظ يعمل على عمومه بتناول منع أفراد جنسه في الخارج ولا يخصص بعض تلك الأفراد إلى بأن يأتي دليل يخصص ذلك العموم بإخراج بعض أفراده منه أو قصر دلالته على بعضها دون باقي الأفراد. انظر: "الموافقات" للشاطبي (٤/ ٢٣)، و"البحر المحيط" للزركشي (٤/ ٥٢١).
(٣) أخرجه البخاري وفيه قال: "اذهب فقد أنكحتكها بما معك من القرآن".
(٤) يُنظر: "البناية شرح الهداية" للعيني (١٠/ ٢٧٨) قال: " (وكذا الإمامة وتعليم القرآنَ والفقه) ش: أي وكذا لا يجوز … وفي "خلاصة الفتاوى" ناقلًا عن الأصل: لا يجوز الاستئجار على الطاعات كتعليم القرآن والفقه والأذان والتذكير والتدريس والحج والقر ويعني الأجر". وانظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٤/ ١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>