للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَأَمَّا الْجُمْهُورُ فَعَلَى إِجَازَةِ صَيْدِهِ إِذَا كَانَ مُعَلَّمًا (١) وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ مُعَارَضَةُ الْقِيَاسِ لِلْعُمُومِ، وَذَلِكَ أَنَّ عُمُومَ قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: ٤]- يَقْتَضِي تَسْوِيَةَ جَمِيعِ الْكِلَاب فِي ذَلِكَ. "وَأَمْرُهُ - عليه الصلاة والسلام - بِقَتْلِ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ" (٢) - يَقْتَضِي فِي ذَلِكَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ اصْطِيَادُهُ عَلَى رَأْيِ مَنْ رَأَى أَنَّ النَّهْيَ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ (٣)، وَأَمَّا الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْجَوَارِحِ فِيمَا عَدَا الْكَلْبَ، وَمِنْ جَوَارحِ الطُّيُورِ وَحَيَوَانَاتِهَا السَّاعِيَةِ).

فهناك حيوان مُجمع عليه وهو الكلب في الصيد، وهناك حيوانات أو طيور مختلف فيها هل يصاد بها أم لا؟ والفهد أشد ويفوق الكلب في الصيد؛ لأنه أسرع منه وأمكن، ولذلك يقول الفقهاء في عباراتهم: والفهد صَيود؛ لأنه اشتهر بذلك، فلو دُرب فهدٌ على الصيد أو نمرٌ فهذا أجازه العلماء.

* قوله: (فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَ جَمِيعَهَا إِذَا عُلِّمَتْ حَتَّى السِّنَّوْرَ (٤)، كَمَا


(١) تقدَّم بالتفصيل ذكر مذاهبهم.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) يُنظر: "التلخيص في أصول الفقه" للجويني (١/ ٤٨١)، حيث قال: "هذا مما اختلف فيه الفقهاء والمتكلمون، فما ذهب إليه الجمهور من أصحاب الشافعي ومالك، وأبي حنيفة، وأهل الظاهر، وطائفة من المتكلمين: أن النهي عن الشيء يدل على فساده، كما أن الأمر بالشيء يدل على إجزائه. ثم اختلف هؤلاء فذهب بعضهم أن النهي دال على فساد المنهي عنه من جهة وضع اللسان. وذهب آخرون إلى أن النهي إذا ثبَتَ فإنما يعلم فساد المنهي عنه بموجب الشرع دون قضية لفظ النهي في اللغة، وذهب الجمهور من المتكلمين أن النهي لا يدل على الفساد، - ثم أجمع هؤلاء على أنه كما لا يدل على فساد المنهي عنه لا يدل على صحته وإجزائه". وانظر: - "اللمع" للشيرازي (ص: ٢٥)، و"قواطع الأدلة" للسمعاني (١/ ١٤٠).
(٤) السنورة الهر والأنثى سنورة. قال ابن الأنباري: وهما قليل في كلام العرب والأكثر أن يقال: هر وضيون. والجمع سنانير. انظر: "المصباح المنير" للفيومي (١/ ٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>