للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمد (١) بسند صحيح، وجاء من حديث جابر بن عبد الله في صحيح مسلم قال: "أمرنا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الكلاب، فكانت المرأة تأتي من البادية بكَلْبِهَا فتَقْنُله"، ثم إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك وقال: "اقتلوا الأسود البهيم فإنه شيطان" (٢) فالسبب أن هذا يتصف بهذه الصفة، ومع ذلك اختلف العلماء، والأئمة الثلاثة أبو حنيفة (٣) ومالك (٤) والشافعي (٥): لا يرون فرقًا بين كلب وكلب؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٤] فلم يقيد الله سبحانه وتعالى


(١) أخرجه أحمد (٢٠٥٤٧)، وإسناده حسن. كذا قال الأرناؤوط.
(٢) أخرجه مسلم (١٥٧٢)، ولفظه: عن جابر بن عبد الله، يقول: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الكلاب، حتى إن المرأة تقدم من البادية بكلبها فنقتله، ثم نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتلها، وقال: "عليكم بالأسود البهيم ذِي النُّقْطَتين، فإنه شيطان".
(٣) يُنظر: "تبيين الحقائق" للزيلعي (٦/ ٥٠)، حيث قال: "ومعنى قوله: {مُكَلِّبِينَ} معلِّمين الاصطياد {تُعَلِّمُونَهُنَّ} تؤدبوهن فيتناول كل ما علم من الجوارح دل عليه .. لأن اسم الكلب يقع على كل سبع حتى الأسد، وعن أبي يوسف رحمه الله أنه استثنى من ذلك الأسد والدب؛ لأنهما لا يعملان لغيرهما، الأسد لعلو همته والدب لخساسته .. ولأنهما لا يتعلمان عادة؛ ولأن التعليم يعرف بترك الأكل وهما لا يأكلان الصيد في الحال، فلا يمكن الاستدلال بترك الأكل على التعلم حتى لو تصور التعلم منهما وعرف ذلك جاز .. وألحق بعضهم الحدأة بهما لخساستها".
(٤) يُنظر: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف"، للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٩١٦)، وفيه قال: "يجوز الاصطياد بكل جارح معلَّم، خلافًا لمن منع صيد الأسود والبهيم من الكلاب، ولمن منع سائر الجوارح سوى الكلب؛ لقوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ}، فعم، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما علمت من كلب أو باز ثم أرسلته وذكرت اسم الله عليه فكل"، واعتبارًا بالكلب الأبيض لعلَّة أنه جارح يفقه التعليم". وانظر: "روضة المستبين"، لابن بزيزة (١/ ٧٠٥).
(٥) يُنظر: "المجموع شرح المهذب"، للنووي (٩/ ٩٣)، وفيه قال: "قال الشافعي والأصحاب يجوز الاصطياد بجوارح السباع المعلمة كالكلب والفهد والنمر وغيرها، وبجوارح الطير كالنسر والبازي والعقاب والباشق والشاهين وسائر الصقور، وسواء في الكلاب الأسود وغيره ولا خلاف في شيء من هذا عندنا إلا وجهًا لأبي بكر الفارسي من أصحابنا أن صيد الكلب الأسود حرام، حكاه الروياني والرافعي وغيرهما، وهو ضعيف بل باطل". وانظر: "مغني المحتاج"، للشربيني (٦/ ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>