للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوجدت أن شاةً كاد أن يدركها الموت فقامت فقطعت حَجَرًا وسنته ثم ذبَحتها، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "كلوا إن شئتم" فالشاهد هنا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال له: "ما أَنْهَرَ الدَّمَ وذُكلرَ اسمُ الله عليه" فهذه قاعدة عامة وأصل ثابتٌ مستقر، فإذا وجدت ما يفري الأوداج (١) والبلعوم ويقطع، القصد أن يسيل الدم سواء كانت حديدة من الحديد أو من نحاس، أو حتى من فضة أو من ذهب أو من غير ذلك: "ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل"، وهنا سؤال هل يجوز للإنسان أن يذبح بسِنٍّ؟ والجواب: بعض العلماء أجاز ذلك، وقال: ما لم يكن متصلًا، فإن كان متصلًا فلا، وبعضهم: منع ذلك للحديث، وكذلك الظُفر بعضهم: منعه وبعضهم: أجازه، وكذلك العظم، لكن الأولى أن الإنسان يتجنب ذلك، لكن لو وجدت صيدًا وليس معك سكين لكي تذبحه فإذا تفعل؟ ولو معك كلب أو فهد، هل تدفعه عليه ليجرَحَه ويمزِّق شيئًا منه، ثم بعد ذلك تأكله؟ والجواب: بعض العلماء قال: لا ينبغي ذلك؛ لأنه لا تقبله النفس، وبعضهم: أجاز ذلك، والمسألة فيها خلاف (٢).

* قوله: (وَأَمَّا الْمُثَقَّلُ فَاخْتَلَفُوا فِي الصَّيْدِ بِهِ، مِثْلَ الصَّيْدِ بِالْمِعْرَاضِ وَالْحَجَرِ، فَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ لَمْ يجِزْ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا مَا أُدْرِكَتْ ذَكاتُه، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ (٣)، وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا قَتَلَهُ الْمِعْرَاضُ أَوِ الْحَجَرُ بِثِقَلِهِ أَوْ بِحَدِّهِ).


= فكسرت حجرًا فذبحتها، فقال لأهله: لا تأكلوا حتى آتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسأله -، أو حتى أرسل إليه من يسأله - "فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - - أو بعث إليه - فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأكلها".
(١) الإفراء: القطع على وجه الإفساد والفري القطع على وجه الإصلاح. والأوداج جمع ودج بفتح الدال، ولكل حيوان ودجان وعروق الذبح أربعة ودجان والحلقوم والمريء؛ فالحلقوم مجرى النفَس، والمريء مجرى الطعام والشراب. وفرى الأوداج، أي: شقها وقطعها. انظر: "طلبة الطلبة" للنسفي (ص: ١٠١)، و"مشارق الأنوار" للقاضي عياض (٢/ ١٥٤).
(٢) سبق الكلام عليه.
(٣) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>