للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما هو حلالٌ، وكل أمرٍ فيه شبهةٌ فإنَّ الإنسان ينبغي أن يبتعد عنه، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من وقع في الشُّبهات وقع في الحرام" (١)، ويقول - عليه الصلاة والسلام -: "دعْ ما يَريبُك إلى ما لا يَريبك" (٢)، وليس الأمر خاصًّا بالصيد فقط، فكل أمرٍ من الأمور إذا وجدتَ فيه شبهةً، وتردَّدت بين كونه حلالًا وبين كونه حرامًا، فعليك أن تبتعد عنه، وأن تُغلبَ جانب الحيطة في ذلك، فالله سبحانه وتعالى قد أحلَّ لنا الطيبات، وحرَّم علينا الخبائثَ، وأمرنا سبحانه وتعالى بالأكل من الطَّيِّبات، ونهانا عن الأكل من المحرَّمات، وهناك أمور نهى عنها الله سبحانه وتعالى وأمرنا باجتنابها، وأمورٌ أباحها الله سبحانه وتعالى، وأمرنا بالأكل منها، وهناك أمورٌ عفا الله عنها، فلا ينبغي فيما عفا الله عنه أن نتشدَّد في هذا الأمر وأن نتتبع عنها، فالأمور التي سكت عنها ينبغي أن نسكت عنها، ففي الحديث: "إنَّ الله فرض فرائضَ فلا تُضَيِّعُوها، وحدَّ حُدودًا فلا تعتدُوها، وسكت عن أشياءَ من غير نسيان فلا تَسْألُوا عنها" (٣)، والله تعالى يقول: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: ١٠١].

* قوله: (وَمِنَ الْحَيَوَان الْبَرِّيِّ الْحَلَالُ الْأَكْلِ الْغَيْرُ مُسْتَأْنَسٍ).

تعلمون أن الله سبحانه وتعالى يقول: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ} قيَّدَهُ الله عزَّ وجلَّ يقوله: {مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: ٩٦] ثم قال - عزَّ وجلَّ -: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢].

إذن طعام البحر كله حلالٌ، لكن هناك خلافٌ بين العلماء في بعض


(١) جزء من حديث أخرجه البخاري (٥٢)، ومسلم (١٥٩٩).
(٢) جزء من حديث أخرجه الترمذي (٢٥١٨) عن الحسن بن علي: قال: حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ح ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة" وصححه الألباني في إرواء الغليل (١٢).
(٣) أخرجه الدارقطني في "سننه" (٥/ ٣٢٦) عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله عزَّ وجلَّ فرض فرائض فلا تضيعوها، وحرَّم حرمات فلا تنتهكوها، وحد حدودًا فلا تعتَدُوها، وسكت عن أشيإء من غير نسيان فلا تبْحَثُوا عنها". وضعفه الألباني في "تحقيق رياض الصالحين" (ص: ٦٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>