للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التسمية، لا فرق بين أن يكون تركَها عمدًا أو سهوًا؛ لأنَّ نصوص الكتاب والسنة تدلُّ على وجوب التسمية وتعيُّنها، وأنها لم تفرق بين عمدٍ وبين نسيان، وقد أجابوا عن حديث: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان"، وآية {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦] فقالوا: المقصود من ذلك إنما هو رفعُ الإثم عن الإنسان، إذا ترك التسمية ناسيًا لا إثم عليه، لكن لو تركها متعمِّدًا يأثم، لأنَّ الإنسان على القول بوجوب التسمية قدَّم بعيرًا فنحره دون أن يسمي، على القول بوجوب التسمية، وبعدم التفريق بين الذكر والنسيان، يهدر هذا اللحم، فهذا من باب قول الرسول: "نهى عن قيلٍ وقال وإضاعة المال" (١)، فهو تسبب في هذه الإضاعة، لكن لو كان ناسيًا لا يلحقه إثمٌ وإن كان هذا الحيوا - ن على قولٍ لا يؤكل منه، لأنَّ النسيان أمرٌ خارجٌ عن إرادة الإنسان، ومن المعلوم أنَّ النسيان والإكراه إنَّما هي من الأمور التي عَفَي عنها في هذه الشريعة، فهي من الأمور التي تندرج تحت قاعدة "المشقة تجلب التيسير" (٢)، إذن ذكرنا شروط الصيد، والعلماء كما ذكرنا عندما يذكرون هذه الشروط ويحددونها إنما القصد والحرص على أن يكونَ كل ما يفعله المسلم في هذه الحياة


= (٨/ ٥٦) حيث قال: " (وعنه: إن نسيها على السهم أبيح) لقوله - عليه السلام -: "عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان" (وإن نسيها على الجارحة لم تبح) والفرق بينهما أن السهم آلة حقيقة وليس له اختيار، بخلاف الحيوان، فإنه يفعل باختياره، وعنه: تمقط مع السهو مطلقًا".
(١) أخرجه البخاري (٢٤٠٨)، ومسلم (٥٩٣) عن المغيرة بن شعبة، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله حرم عليكم: عُقوقَ الأمهاتِ، ووأدَ البنات، ومنعَ وهات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال".
(٢) يُنظر: "الأشباه والنظائر" للسبكي (١/ ٤٩) حيث قال: "القاعدة الثالثة: المشقة تجلب التيسير" وإن شئت قلت: السادسة. المشقة نجلب التيسير وإن شئت قلت: إذا ضاق الأمر اتسع. وقد عزا الخطابي هذه العبارة إلى الشافعي - رضي الله عنه - عند كلامه على الذباب يقع في الماء القليل، ويقرب منها "الضرورات تبيح المحظورات"، ومن ثم التيمم والمسح وصلاة المتنفل قاعدًا، والرخص جميعها، إسقاظا وتخفيفًا. ومن فروعها: لو تنجس الخفٌّ بخرزه بشعر الخنزير فغسل سبعًا إحداهن بترإب طاهر [طهر] ظاهره دون باطنة وهو موضع الخرز".

<<  <  ج: ص:  >  >>