للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُنَاك روايتان له، لكن الرِّواية الصحيحة المشهورة في المذهب هي التي ذَكَرها المؤلِّف، لكن هناك رواية أُخرى يلتقي فيها الشافعية مع الأئمة في هذه المسألة (١)، ولا شكَّ أن الشافعيَّة عندما انفَردوا في هذا القَول الَّذي صَحَّحه المحققون منهم (٢)، كان لهم وجهة نظر في ذلك، وسيبيِّنها المؤلف فيما بعد؛ لقول اللَّه تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ} [التوبة: ٥].

* قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: مُعَارَضَةُ بَعْضِ الآثَارِ بِخُصُوصِهَا لِعُمُومِ الكِتَابِ).

يقصد الآثار الخاصة التي ظاهرها تخصيص الآية أو الآيات: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} [التوبة: ٥].

* قوله: (وَبعُمُومِ قَوْلِهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- الثَّابِتِ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"، الحَدِيثَ).


(١) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٤/ ٣١٠) حيث قال: "وقد اختلف قول الشافعي في إباحة قتل الرهبان، وأصحاب الصوامع، والأعمى ومَنْ لا نَهْضة فيه من الشيوخ والزمنى الذين لا يقاتلون؛ إما لتعبُّد كالرهبان أو لعجز كالشيخ الفاني، ففي جواز قتلهم قولان:
أحدهما: يجوز قتلهم؛ لأنهم من جنس مباح القتل، ولأنهم كان رأيهم، وتدبيرهم أضر علينا من قتال غيرهم، فعلى هذا لا يقرون في دار الإسلام إلا بجزية.
والقول الثاني: أنه لا يجوز قتلهم؛ لأن القتل للكفِّ عن القتال، وقد كفوا أنفسهم عنه، فلم يقتلوا، فعلى هذا يقرون بغير جزية، وهو مذهب أبي حنيفة، فصار في إقرارهم بغير جزية قولان".
(٢) يُنظر: "الشرح الكبير" للرافعي (١١/ ٣٩١، ٣٩٢) حيث قال: "في جواز قتل الراهب شابًّا كان أو شيخًا قولان. . . أنه يجوز قتلهم، وبه قال أحمد، وهو اختيار المزني وأبي إسحاق. . . والثاني: وبه قال أبو حنيفة ومالك: أنه لا يجوز. . وأصح القولين على ما ذكره الشيخ أبو حامد وأصحابه، والروياني الأول، وفي سياق كلام الشافعي -رضي اللَّه عنه- في "المختصر" ما يدل عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>