للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ثبت أثرٌ عن عمر -رضي اللَّه عنه- أنه نهى عن قتل الفلاحين (١) الذين اشتغلوا عن الجهاد، فهو يشتغل في مال سيده، وهو غير منصرف إلى القتال، وغير معنيٍّ به، وغير متجهٍ إليه، ولذلك لا يُقْتل، وأشد المذاهب في ذلك هو مذهب الشافعية، وقد أشار إليه المؤلف، وخالفهم غيرهم من أئمة المذاهب (٢).

* قوله: (وَالعَسِيفِ).

وهو الأجير (٣)، ولذلك في قصة الرجل الذي قال: "إنَّ ابْني كان


(١) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (٢/ ٢٨٠)، عن زيد بن وهب قال: كتب عمر -رضي اللَّه عنه-: "لا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدًا، واتقوا اللَّه في الفلاحين الذين لا ينصبون لكم الحرب".
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٧/ ١٠١) حيث قال: "وأما بيان مَنْ يحل قتله من الكفرة ومَنْ لا يحل، فنقول: الحال لا يخلو إما أن يكون حال القتال، أو حال ما بعد الفراغ من القتال، وهي ما بعد الأخذ والأسر، أما حال القتال فلا يحل فيها قتل امرأة، ولا صبي، ولا شيخ فان، ولا مقعد، ولا يابس الشق، ولا أعمى، ولا مقطوع اليد والرجل من خلاف، ولا مقطوع اليد اليمنى، ولا معتوه، ولا راهب في صومعة، ولا سائح في الجبال لا يخالط الناس، وقوم في دار أو كنيسة ترهبوا وطبق عليهم الباب".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير و"حاشية الدسوقي" (٢/ ١٧٧) حيث قال: "اقتصار المصنف على استثناء السبعة المذكورة يفيد قتل الأُجَراء والحراثين وأرباب الصنائع منهم، وهو قول سحنون، وهو خلاف المشهور من أنهم لا يقتلون بل يؤسرون كما هو قول ابن القاسم في كتاب محمد وابن الماجشون وابن وهب وابن حبيب، وحكاه اللخمي عن مالك قائلًا وهو الأحسن؛ لأن هؤلاء في أهل دينهم كالمستضعفين، كذا في بن، والظاهر أنه خلاف لفظي في حال، وأن المدار على المصلحة بنظر الإمام".
ومَذْهب الشافعيَّة، يُنظر: "الشرح الكبير" للرافعي (١١/ ٣٩١) حيث قال: "في جواز قتل الراهب؛ شابًّا كان أو شيخًا، قولان، وكذا في العسفاء: وهم الأجراء، والحارفين المشغولين بحرفهم".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع عن متن الإقناع" للبهوتي (٧/ ٥٣) حيث قال: "وفي "المغني" و"الشرح": وعبد وفلاح لا يقاتل؛ لقول عمر: اتقوا اللَّه في الفلاحين الذين لا ينصبون لكم الحرب".
(٣) "العسيف": الأجير، والجمع عسفاء. انظر: "الصحاح" للجوهري (٤/ ١٤٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>