للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَقَالَ فِي امْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ: "مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِل").

لمَّا نظرَ إليها، أصبح القوم ينظرون، فَصَرفهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم قال هذه المقالة، ونظر في وجه القوم، وربما أنه رأى أسرعهم، فأمره أن يلحق بخالد بن الوليد -رضي اللَّه عنه-، وأن يخبره بما أمر به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من أمر اللَّه، فإذا جاءهم الأمر قالوا: سمعنا وأطعنا، كما قال تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [النور: ٥١].

* قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِي أَهْلِ الصَّوَامِعِ المُنْتَزِعِينَ عَنِ النَّاسِ).

دخل المؤلف في أنواعٍ أُخرى في قتال غير المسلمين، وهو أهل الصوامع، وهي جمع صومعة، وهي المكان الذي يُعدُّ لعبادة النصارى أي: الذي ينقطع فيها النصارى للعبادة، فهؤلاء ابتعدوا عن القتال وتجنَّبوه، ولا علاقةَ لهم بهذا الأمر، فهل يُقْتلون؟

الجواب: لا، والمسألة فيها خلاف (١).


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين" (٤/ ١٣٢)، حيث قال: " قال في "الفتح" وفي "السير الكبير": لا يقتل الراهب في صومعته، ولا أهل الكنائس الذين لا يخالطون الناس، فإن خالطوا، قتلوا كالقسيس".
ومذهب المالكية، يُنظر: "التاج والإكليل" للمواق (٤/ ٥٤٤) حيث قال: "اللخمي: الرهبان الذين حبسوا أنفسهم في الصوامع والديارات لا يعرض لهم بقتلٍ ولا أسرٍ. "التلقين": إلا أن يخاف أذى أو تدبيرًا. ابن عرفة: وظاهر الروايات أن رهبان الكنائس يجوز قتلهم وسباؤهم".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "الشرح الكبير" للرافعي (١١/ ٣٩١، ٣٩٢) حيث قال: "في جواز قتل الراهب شابًّا كان أو شيخًا، قولان، وكذا في العسفاء: وهم الأجراء، والحارفين المشغولين بحرفهم، وفي الشيوخ الضعفاء، وفي معناهم العميان والزمنى ومقطوعي الأيدي والأرجل - أحد القولين: أنه يجوز قتلهم، وبه قال أحمد، وهو اختيار المزني وأبي إسحاق. والثاني وبه قال أبو حنيفة ومالك: أنه لا يجوز؛ لما روي أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تقتلوا النساء، ولا أصحاب الصوامع"، وأصح القولين على ما ذكره الشيخ أبو حامد وأصحابه، والروياني الأول، وفي سياق كلام الشافعي -رضي اللَّه عنه- في "المختصر" ما يدل عليه". =

<<  <  ج: ص:  >  >>