الأشهر "ابن أمي"، أو في الرواية الأُخرى:"ابن أبي"، فهو علي بن أبي طالب، قالت: ادَّعى أنه سيقتل هذا الذي أجرتُهُ، فقال لها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قد أجرنا من أجرتِ يا أم هانئ"، قالت أم هانئ: وكان ذلك ضحًى؛ أي: أنها زارت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في وقت الضحى.
فَهَذا الحَديثُ فيه دلالةٌ على أن أمان المرأة معتبر، وأن لها أن تؤمِّن غيرها، لكن أولئك قالوا: إن أمانها لم يستقر إلا بعد أن أجازه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يورد المؤلف أيضًا أن زينب بنت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أجارت أبا العاصي ابن الربيع زوجها؛ لأنه أُسِرَ وهو لم يُسْلم بعد، فأمضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك (١).
الأدلَّة في ذَلك كَثيرةٌ، منها ما ذكَره المؤلف، ومنها ما أشرنا إليه، وفيه أدلةٌ أُخرى؛ لكن بعض العلماء يأتون بتَعْلِيلٍ هنا، وهو: أنَّ من أسباب الفراق بين العُلماء اختلافهم في فَهْم بعض النصوص، فبعضهم يأخذ النَّصَّ على ظاهره، وبعضهم يكون له فهمٌ، والآخر يُخَالفه في الفهم، وهَكَذا، ولأن الأدلَّة إذا أُطْلقت يدخل فيها النساء.
المُبلِّغ هو رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو الذي نقل هذه الأحكام، وهو الذي أُنْزلَ عليه هذا القرآن قُطْبُ هذه الشريعة ولبُّها، وأصلها الأصيل، وركنها الركين، وهو الذي جاءتنا سُنَّته -صلى اللَّه عليه وسلم- عن طريق الصحابة الذين نقل عنهم التابعون.
(١) أخرجه الطبراني في "الكبير" (٢٢/ ٤٢٦)، عن أنسٍ: أن زينب هاجرت إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وزوجها كافر، فأسر المسلمون أبا العاص بن الربيع، فقالت زينب: إنِّي قد أجرت أبا العاص، فأجاز النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جوارها، وقال: "إنه يجير على المسلمين أدناهم"، وحَسَّنه الأَلْبَانيُّ في "الصحيحة" (٢٨١٩).