للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقتطع المؤلف جزءًا من حديث طويل، وجاء بمحل الشاهد، وكنت أودُّ أن يورد المؤلف تلكم الأحاديث لما فيها من الفوائد؛ لأن هذا الحديث فيه عدة فوائد لا تقتصر على الأمان وحده، ولذلك قصة أم هانئ وهي بنت أبي طالب، فهي ابنة عم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأبو طالب له مواقف طيبة مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد حرص رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على إسلامه، لكن خشيته من قومه أن يقولوا: ارتد عن دين آبائه، وهذا ما منعه من ذلك، ولذلك ظل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يحاوره ويقول له: "قُلْ: لا إله إلا اللَّه، كلمة أحاج لك فيها عند اللَّه" (١)، لكنه ما قالها.

فهذه أمُّ هانئ ذهبت إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عام الفتح -وَهذا حديثٌ في "الصحيحين"- قالت: ذهبت إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عام الفتح وهو يغتسل، وفاطمة ابنته تستره، قالت: فسلَّمت عليه، فقال: "مَنْ أَنْتِ؟ "، فقالت: أنا أم هانئ بنت أبي طالب، فقال لها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مرحبًا بأم هانئ"، قالت: فلما فرغ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من غسله، صلى ثماني ركعات في ثوب واحد ملتحفًا به -وفي حديث أنسٍ: في ثوب واحد متوشحًّا به (٢) - قالت: فلما انصرف من صلاته (أي: انتهى)، قالت: قلت: يا رسول اللَّه،


= واحد، فلما انصرف، قلت: يا رسول اللَّه، زعم ابن أمي أنه قاتل رجلًا قد أجرته، فلان ابن هبيرة، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قد أجرنا من أجرتِ يا أم هانئ"، قالت أم هانئ: وذاك ضحًى.
(١) أخرجه البخاري (١٣٦٠)، ومسلم (٢٤) عن سعيد بن المسيب، عن أبيه أنه أخبره: "أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة، جاءه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فوجد عنده أبا جهل ابن هشام، وعبد اللَّه بن أبي أمية بن المغيرة، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبي طالب: "يا عم، قل: لا إله إلا اللَّه، كلمة أشهد لك بها عند اللَّه"، فقال أبو جهلٍ، وعبد اللَّه بن أبي أمية: يا أبا طالب، أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعرضها عليه، ويعودان بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلَّمهم: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا اللَّه، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أمَا -واللَّه- لأستغفرنَّ لك ما لم أُنْهَ عنك"، فأنزل اللَّه تعالى فيه: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ} الآية".
(٢) أخرَجه الترمذي (٣٦٣)، عن أنسٍ، قال: "صلَّى رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في مرضه خلف أبي بكرٍ قاعدًا في ثوبٍ متوشحًا به"، وقال الأَلْبَانيُّ في (صحيح الترمذي) (١/ ٣٦٣): صحيح الإسناد، وأصله في مسلم (٥١٨) من حديث جابر.

<<  <  ج: ص:  >  >>