للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: سلطةُ غيره نافذةٌ عليه، فلا مال له، ولا يملك، وإنْ ملكه سيده يملك أو لا، وليس له أن يتصرف في أمورٍ إلا بإذنٍ من سيده، ومنها أيضًا الجهاد فهو ناقص؛ لأن تصرفه ناقص، إذ العبودية مفروضة عليه، ومن هنا كان ناقصًا، لكننا نَقُول: هو مسلمٌ، وله حقوق المسلمين، وهذه الشريعة إنما استرقته؛ لأنه كان كافرًا، فإذا دَخَل في الإسلام، نجد أن الشريعة من جانب آخر رغَّبت في العتق فيه.

* قوله: (وَالعَبْدُ نَاقِصٌ بِالعُبُودِيَّةِ).

ليست العبودية هي عبودية للَّه، بل القصد بالعبودية هنا الاسترقاق، وهي ملك الإنسان، أما العبودية للَّه فنِعْمَ العمل، ونِعْمَ الطاعة وكلنا عبيد للَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، واللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عندما ذَكَر رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- محمد بن عبد اللَّه في مقام التكريم، ذَكَره بوصف العبودية {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء: ١]، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يفتخر بعبوديته للَّه، ويعتز بها، ويرفع رأسه شامخًا: "إنَّما أنا عبدٌ، فَقُولوا: عبد اللَّه ورسوله" (١)، هذه منزلةٌ فيها تكريمٌ لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

* قوله: (فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِلْعُبُودِيَّةِ تَأْثِيرٌ فِي إِسْقَاطِهِ قِيَاسًا عَلَى تَأْثِيرِهَا فِي إِسْقَاطِ كَثِيرٍ مِنَ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَأَنْ يُخَصَّصَ ذَلِكَ العُمُومُ بِهَذَا القِيَاسِ).

نحن لا نُسلِّم ذلك، إنما هي لها تأثيرٌ في بعض الأحكام التي تخفف عن هذا العبد، وله الحق في الأمان؛ لأن هذه مُنحَت للمسلم، ويَلْتقي مع غيره في هذا الوصف العظيم.

ولا نرى هذا القياس، ونحن مع جماهير العلماء في أن العبد له أن


(١) معنى حديث أخرجه البخاري (٣٤٤٥)، عن ابن عباس، سمع عمر -رضي اللَّه عنه- يقول على المنبر: سَمِعْتُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لَا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد اللَّه ورسوله".

<<  <  ج: ص:  >  >>