للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا" (١).

فالمُسْلمون دائمًا يتعاونون فيما بينهم، لكن التعاون الذي بينهم ينبغي أن يكون كما قال اللَّه تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢]، لا ينبغي أن يكون التعاون بين المسلمين مبنيًّا على عصبيةٍ أو قبليةٍ، أو على وطنيةٍ وعنصريةٍ؛ وإنما يُبْنى على التعاون بينهم في بلاد الإسلام:

أبي الإسلام لا أبَ لي سواه … إذا افتخروا بقيس أو تميمِ (٢)

هذا هو الإسلام: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٨٥)} [آل عمران: ٨٥].

* قوله: (فَهَذَا يُوجِبُ أَمَانَ العَبْدِ بِعُمُومِهِ).

فدلَّ هذا الحديث بعمومه على أمان العبد، ودل الأثر الذي أَوْرَدتُ لكم في قصة الجيش الذي دفع أن عمر أقرَّه (٣)، ولم ينكر أحدٌ من الصحابة، فكان ذلك حكمًا مستقرًّا.

* قوله: (وَأَمَّا القِيَاسُ المُعَارِضُ لَهُ، فَهُوَ أَنَّ الأَمَانَ مِنْ شَرْطِهِ الكَمَالُ).

مِنَ العُلَماء مَنْ يقول: إن العبدَ ناقص؛ لأنه لا يتصرف في نفسه


(١) أخرجه البخاري (٢٤٤٦)، ومسلم (٢٥٨٥).
(٢) يُنظر: "المخصص" لابن سيده (٤/ ١١١) حيث قال: "وقال نهار بن توسعة:
أبي الإسلام لا أب لي سواه … إذا افتخروا بقيس أو تميم".
(٣) أخرجه سعيد بن منصور في (سننه) (٢/ ٢٧٤) عن فضيل بن زيد الرقاشي، قال: حاصرنا حصنًا على عهد عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-، فرمى عبدٌ منا بسهم فيه أمان، فخرجوا، فقلنا: ما أخرجكم؟ فقالوا: أمنتمونا، فقلنا: ما ذاك إلا عبد، ولا نجيز أمره، فقالوا: ما نعرف العبد منكم من الحر، فكتبنا إلى عمر -رضي اللَّه عنه- نسأله عن ذلك، فكتب: إن العبد رجل من المسلمين، ذمته ذمتكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>