للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا، هَلْ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ قَدْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ أَمْ لَا؟).

هناك مسألة تَكثر حولها الأسئلة، يعني: لا تمر سنة، بل ربما في كل درس تَرد حولها أسئلة إذا ناب إنسان عن إنسان؛ ليحج عنه، هل يلزم الذي أُنيب أن يحج من البلدة التي مات فيها هذا الشخص، أو مِن التي أنابه منها (١)، فلنفرض أن شخصًا موجودًا في دمشق، فأراد أن يُنيب غيره ليحج عنه، هل لا بدَّ أن يكون من دمشق، أو له أن ينيب واحدًا من مكة؟

بعض العلماء يقول: من المكان الذي فيه ينطلق، وبعضهم يقول: لا، هو نفسه لو كان بمكة، يعني لو قدر أن إنسانًا جاء إلى مكة، وبقي فيها فترة، ثم أراد أن يحج: هل نقول له: اذهب إلى دمشق أو القاهرة أو باكستان أو أي بلدة من بلاد الإسلام، أو حتى أوروبا وأمريكا، مِن هناك تنشأ الحج، وهو هنا في مكة، لا نقول له ذلك، ونحن نعلم أن هذا الدِّين يسر، ولن يُشاد الدِّين أحد إلا غلبه، ولماذا نشدد على الناس، والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن التشديد.


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي" للمرغيناني (٤/ ٥٢٩)، حيث قال: "ومَن خرج من بلده حاجًّا فمات في الطريق وأوصى أن يُحج عنه يُحج عنه من بلده، عند أبي حنيفة، وهو قول زفر. وقال أبو يوسف ومحمد: يُحج عنه مِن حيث بلغ استحسانًا، وعلى هذا الخلاف إذا مات الحاج عن غيره في الطريق".
ومذهب المالكية، يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (٢/ ٥٤٩)، حيث قال: "من استؤجر على أن يحج عن ميت من بلد ذلك الميت، فإنه يتعين عليه أن يُحرم من ميقات الميت، وإن لم يشترط عليه ذلك في العقد بريد، وكذلك لو استأجر أن يحج عن الميت من بلد غير بلد الميت، فإنه يتعين عليه الإحرام من ميقات ذلك البلد".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٤/ ٢٥)، حيث قال: "ويحج عنه (من الميقات) لبلده".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٥٢٠)، حيث قال: " (وإن مات) مَن وجب عليه حج بطريقه، (أو) مات (نائبه بطريقه حَجَّ عنه من حيث مات) هو أو نائبه؛ لأن الاستنابة من حيث وجب القضاء والمنوب عنه لا يلزمه العود إلى وطنه، ثم العود للحج منه، فيستناب عنه (فيما بقي) نصًّا (مسافة وقولًا وفعلًا)؛ لوقوع ما فعله قبل موقعه وأجزأه".

<<  <  ج: ص:  >  >>