للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِلصِّيَامِ (١). وَاحْتَجَّتِ الْمَالِكِيَّةُ بِمَا رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: السُّنَّةُ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ لَا يَعُودَ مَرِيضًا، وَلَا يَشْهَدَ جَنَازَةً، وَلَا يَمَسَّ امْرَأَةً وَلَا يُبَاشِرَهَا، وَلَا يَخْرُجَ إِلَّا مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ، وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ، وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ (٢). قَالَ أَبُو عُمَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ (٣): لَمْ يَقُلْ أَحَد فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا: السُّنَّةُ، إِلَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، وَلَا يَصِحُّ هَذَا الْكَلَامُ عِنْدَهُمْ إِلَّا مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ، وَإِنْ كانَ الْأَمْرُ هَكَذَا بَطَلَ أَنْ يَجْرِيَ مَجْرَى الْمُسْنَدِ).

مذهب الشافعي، وأحمد: أن الاعتكاف يصح بغير صوم.

وقال مالك، وأبو حنيفة: إذا اعتكف يجب عليه الصوم؛ لما روي عن عائشة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "لا اعتكافَ إلا بصوم".

ولأنه لُبْثٌ في مكان مخصوص. فلم يكن بمجرده قربةً، كالوقوف.

والصواب: عن عمر -رضي اللَّه عنه- أنه قال: يا رسول اللَّه، إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام. فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَوْفِ بنذرِكَ".

ولو كان الصوم شرطًا لما صحَّ اعتكافُ الليل؛ لأنه لا صيام فيه، ولأنه عبادة تصح في الليل، فلم يُشترط له الصيام كالصلاة، ولأنه عبادة


(١) أخرج ابن حبان في "صحيحه" (٤٣٧٩): عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَام فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَوْفِ بِنَذْرِكَ".
(٢) أخرجه أبو داود (٢٤٧٣)، وقال الأرناؤوط: إسناده حسن.
(٣) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٣/ ٣٨٩)، حيث قال: "قال أبو عمر: لم يقل أحد في حديث عائشة: هذا السنة، إلا عبد الرحمن بن إسحاق، ولا يصح الكلام عندهم إلا من قول الزهري وبعضه من كلام عروة".

<<  <  ج: ص:  >  >>