للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محتاج- كأن يسافر سفر طاعة، وبين أن يكون في سفرٍ، ويحصل له العجز عن النفقة.

* قوله: (يَنْفَدُ زَادُهُ).

قد عرفنا فيما مضى -عند كلامنا على ما يتعلق بقصر الصلاة- أن العلماء اختلفوا هناك في قصر الصلاة: هل هو خاص بسفر الطاعة، أو أن سفر المعصية يدخل أيضًا في ذلك؟

وبيَّنا أن جماهير العلماء (١) خصوا ذلك بسفر الطاعة؛ فقالوا: لا يجوز قصر الصلاة إلا لمن يسافر سفر طاعة، أما من يسافر سفر معصية فلا يحق له قصر الصلاة.

والخلاف هناك -كما سبق- بين الجمهور، وهم الأئمة الثلاثة، وبين أبي حنيفة (٢)؛ فالإمام أبو حنيفة يقول: إنَّ قصر الصلاة جاء مطلقًا


(١) مذهب المالكية، يُنظر: "الكافي في فقه أهل المدينة"، لابن عبد البر (١/ ٢٤٤) حيث قال: "ولا يقصر أحد صلاته حتى يكون سفره طاعة أو مباحًا، وتكون مسافته ثمانية وأربعين ميلًا فصاعا، برًّا كان أو بحرًا في سفر واحد، ذاهبًا أو راجعًا".
مذهب الشافعية، يُنظر: "أسنى المطالب"، للأنصاري (١/ ٢٣٩) حيث قال: "لا يقصر إلا في سفر مباح، وقد أخذ في بيان مقابله فقال (المعصية بالسفر)، كهرب عبد من سيده، (لا فيه) كشرب خمر في سفر حج (تمنع الترخص)؛ لأنه للإعانة فلا يعالج بالمعاصي. (فإن سافر) أحد (بلا غرض صحيح)، كمجرد رؤية البلاد، (أو) سافر؛ (ليسرق) أو يزني، أو يقتل بريئًا، أو يتعب نفسه أو دابته بالركض بلا غرض، (أو هرب عبد) من سيده، (أو زوجة) من زوجها، (أو غريم موسر) من غريمه، أو نحوها (لم يترخص بقصر و) لا (جمع) ".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (١/ ٥٠٥)، حيث قال: " (ولا) يترخص (في سفر مكروه)، كالسفر لفعل مكروه (وللنهي عنه ويترخص إن قصد مشهدًا أو قصد مسجدًا ولو غير المساجد الثلاثة أو قصد قبر نبي أو غيره)، كولي وحديث: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد"، أي لا يطلب ذلك فليس نهيًا عن شدها لغيرها، خلافًا لبعضهم".
(٢) يُنظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي"، للمرغيناني (١/ ٨١) حيث قال: والعاصي والمطيع في سفرهما في الرخصة سواء. وقال الشافعي رَحِمَهُ اللَّهُ: سفر المعصية لا يفيد =

<<  <  ج: ص:  >  >>